مقتطفات | الحديث المسلسل (1) | د. محمود المصري

 

مُسَلْسَلٌ قُلْ مَا عَلَى وَصْفٍ أتَى ** مِثْلُ أمَا واللهِ أنْبانِي الفـَتـى
كذَاكَ قَدْ حَدَّثَـنِـيـهِ قائمـــــــا ** أوْ بَعْدَ أنْ حَدَّثَنِي تَبَــسَّـــــمَا

 

  • (مسلسلٌ قل ما على وصفٍ أتى) هذا الوصف أو حال للرواة أو الرواية، هذا هو المسلسل، يتكرر فيه وصف أو حال، إما للرواية أو للرواة.

يقول في التعريف:

  • “المسلسل: هو الذي توارد رجال سنده واحداً فواحداً على حالة واحدة (يعني تكرار في الحالة) أو صفة واحدة (يعني تكرار صفة واحدة) “سواءٌ كانت الصفة للرواة أو الإسناد، وسواءٌ كان ما وقع منه في الإسناد في صيغ الأداء أم متعلق بزمن الرواية أو المكان، وسواءٌ كانت أحوال الرواة أقوالاً أم أفعالاً أم منهما معاً”.

في الحقيقة هذا التعريف هو تعريف شامل يشمل أنواع المسلسلات، ويشمل الحالات، هناك مسلسل بأحوال الرواة (إما قولية أو فعلية، أو قولية وفعلية معاً) وهناك مسلسل بصفات الرواة (إما صفات الرواة القولية أو الصفات الفعلية) وهناك مسلسل بصفات الرواية أو الإسناد (مثل صيغ الرواية، ومسلسل بالزمان ومسلسل بالمكان) وبذلك تكون هذه الأنواع ثمانية كما ذكرها الحاكم وغيره رحمهم الله.

  • يقول الشارح رحمه الله: “وبهذا يُعلم أن المسلسل من صفات الأسانيد، وأنه على أنواع:
  • الأول: التسلسل بأحوال الرواة القولية:

ومثاله: ما رواه الترمذي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي قال له «يامعاذ إني أحبك، فقل دبر كل صلاة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» فقد تسلسل بقول كلٌ من رواته «إني أحبك فقل: اللهم أعني على ذِكرك وشُكرك وحُسن عبادتك» (كان كل راوٍ يعطي الحديث عمن يروي عنه يقول هذه العبارة التي قالها النبي ﷺ إني أحبك فقل….).

 

  • الثاني:  التسلسل بأحوال الرواة الفعلية:

ومثاله: مارواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله قال: شبّك بيدي أبو القاسم ﷺ فقال: «خلق الله التربة يوم السبت….»، قال فإنه تسلسل بتشبيك كل من رواته بيد من رواه عنه، كما شبّك النبي ﷺ بيد أبي هريرة رضي الله عنه، يقول ومن هذا النوع (أي التسلسل بأحوال الرواة الفعلية) ما تسلسل بالمصافحة، وبالعدّ، وبالأخذ باليد، ووضع اليد على الرأس ونحو ذلك.. (هذه كلها أفعال تسلسلت فيها بعض الأحاديث)، قال: وإلى هذا أشار المصنف إلى قوله “كذاك قد حدثنيه قائماً” هذا مسلسل بأحوال الرواة الفعلية”

 

  • الثالث: التسلسل بالحال القولية والفعلية معاً:

ومثاله ما رواه الحاكم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله «لا يجدُ العبد حلاوة الإيمان حتى يؤمن بالقدر خيره وشره، حلوه ومره، وقبض رسول الله ﷺ على لحيته وقال: آمنت بالقدر خيره وشره، وحلوه ومره» فإنه تسلسل بقبض كلٍّ من رواته على لحيته، وبقول آمنت بالقدر خيره وشره وحلوه ومره.

 

  • الرابع: التسلسل بصفات  الرواة القولية (هذه في الحقيقة تقارب أحوال الرواة القولية، بعضهم جعلها نوع واحد)،

ومثاله: ما رواه الترمذي عن عبد الله بن سلام رضي الله قال: «قعدنا نفراً من أصحاب رسول الله  فتذاكرنا فقلنا: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله تعالى لعملناه، فأنزل الله ﷻ ﴿سَبَّحَ لِلّٰهِ مَا فِي السَّمٰوَاتِ وَمَا فِي الْاَرْضِۚ وَهُوَ الْعَز۪يزُ الْحَك۪يمُ ۝ يَٓا اَيُّهَا الَّذ۪ينَ اٰمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ قال ابن سلام: فقرأها علينا رسول الله ﷺ» تسلسل هذا الحديث بقول كلٍّ من رواته “فقرأها علينا فلان..فقرأها علينا فلان…” قالوا هذا من أصحّ المسلسلات. أبو سَلَمَة راوي الحديث عن ابن سلام قال: فقرأها علينا عبد الله بن سلام، ثم الذي رواه عن أبي سلمة وهو (يحيى) قال: فقرأها علينا أبو سَلَمَة… وهكذا….”