سلسلة أحكام الصيام وزكاة الفطر | المقالة التاسعة | د. خالد الخرسة

 

            •   صدقة الفطر

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فإن شهر رمضان شهر التربية للنهوض بالأمة، فبعد صيام المسلم لتلك الأيام المعدودات كلفه النبي أن يتصدق بشيء من ماله، فقد قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما  «فرضَ رسولُ اللهِ زكاةَ الفطرِ طُهرَةً للصّائِمِ من اللّغوِ والرّفَثِ وطُعمَةً للمساكينِ» أبو داود.

 

      • فما هي صدقة الفطر وما حكمها وما مقدارها؟

أما تعريفها  فهي ما يخرجه المسلم يوم  العيد من ماله للمحتاجين طهرة لنفسه، وجبراً لما يكون قد حدث في صيامه من خلل مثل لغو الكلام وفحشه.

 

      • وحكمها:

واجبة على كل مسلم، مكلف بها، يخرجها عن نفسه، ومن في عياله أو يلي عليه.

ولا بدّ أن يكون المكلف مالكاً للنصاب الفاضل عن دينه، وعن حوائجه الأصلية.

فلا تجب على من لا يملك نصاباً زائداً عن الدّين، وعن حوائجه الأصلية، والمقصود بالحوائج الأصلية: المسكن، أثاث البيت، الملابس، المركب، الآلات التي يستعين بها في كسب معيشته.

– لا يشترط لوجوب صدقة الفطر حولان الحول على النصاب، بل يشترط ملكه للنصاب يوم العيد وقت طلوع الفجر.

– ولا يشترط لوجوب صدقة الفطر أن يكون بالغاً أو عاقلاً، بل تخرج صدقة الفطر من مال الصبي والمجنون إذا كانا مالكين للنصاب.

 

      • وقت وجوبها:

تجب عند طلوع الفجر من يوم العيد فمن مات أو صار فقيراً قبله لا تجب عليه، وكذا من ولد أو أسلم أو صار غنياً بعد طلوع الفجر لا تجب عليه.

 

      • هل يجوز تقديمها عن فجر العيد؟

يجوز أداء صدقة الفطر مقدماً من أول الشهر، والمستحب إخراجها قبل الخروج إلى المصلى، وإخراجها في رمضان مستحسن ليقدر الفقير على إعداد الثياب وغيرها له ولعياله، ويكره تأخيرها عن صلاة العيد إلا لعذر.

 

      • عمن يخرج الزكاة؟

عن نفسه، وعن أولاده الصغار الفقراء، وإذا كانوا أغنياء تخرج صدقة الفطر من مالهم.

– لا يجب على الزوج إخراجها عن زوجته، ولكن إذا وكّلته بإخراجها جاز، ولو أدى عنها بلا إذن جاز استحساناً للإذن عادة، كالولد الكبير إن كان في عياله، وإن لم يكن في عياله فلا بدّ من إذنه، فإن كان أولاده الكبار فقراء مجانين فالواجب على الأب صدقتهم.

 

      • مقدار صدقة الفطر:

الأشياء التي ورد النص بها ضمن صدقة الفطر أربعة:

القمح، الشعير، التمر، الزبيب.

ففي الصحيحين من حديث نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «فرضَ رسولُ اللهِ زكاةَ الفطرِ من تمرِِ، وصاعاً من شعيرٍ فَعَدَل الناسُ به مُدَّيْنِ من حِنطَة».

وعن عبد الله بن ثعلبة رضي الله عنه قال: خطب رسول الله  قبل الفطر بيوم أو يومين فقال: «أدُّوا صَاعاً من بُرٍّ أو قمحٍ بين اثنين، أو صَاعَاً من تمرٍ أو شعيرٍ عن كلِّ حُرٍّ وعبْدٍ صغيرٍ وكبيرٍ». رواه الدارقطني والطبراني بإسناد قوي صحيح.

 

  • ويجوز إخراج صدقة الفطر من حبوب أخرى، وعليه أن يخرج مقداراً يعادل قيمة نصف صاع من القمح، أو قيمة صاع من الشعير.
  • ويجوز له أن يخرج قيمة صدقة الفطر مالا وهو أكثر نفعاً للفقراء.
  • ويجوز دفع صدقة الفطر عن الفرد الواحد إلى مساكين، وكذا يجوز دفع صدقة الفطر عن الجماعة إلى مسكين واحد.

جعل الله صيامنا مقبولاً وذنبنا مغفوراً وسعينا مشكوراً..