المقال الخامس من سلسلة فقه الطهارة للشيخ عمر حجازي – تعريف الطهارة ومكانتها وأنواعها

يقدم فضيلة الشيخ عمر حجازي شرحاً مبسطاً للفقه الحنفي، مقارناً في بعض المواقف بين أحكام المذهب الأساسية وأحكام الفقه الشافعي، ويعد الشرح مدخلاً مناسباً للمبتدئين في قراءة ودراسة الفقه، ولمن أراد الوقوف على أساسيات الدين وأحكام الشريعة.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أتعرض في هذا المقال للحديث عن النقاط الآتية:
أ – تعريف الطهارة. ب – مكانتها في الإسلام. ج – أنواعها.

 

أ – تعريف الطهارة:

الطهارة لغة: النظافة عن الأقذار الحسية كالنجاسات، والمعنوية كالعيوب والذنوب. يقال: تطهر من الدنس، وتطهر من الحسد. [1]
وشرعا: النظافة عن النجاسة، حقيقية كانت وهي الخبث، كالغائط والبول والدم، أو حكمية، وهي الحدث الذي يسببه خروج الأشياء المذكورة ونحوها. [2]

 

ب – مكانتها في الإسلام:

اهتم الإسلام بالطهارة، وأعطاها مكانة عالية، وربطها بالإيمان والفطرة السليمة، ومن الأمور التي تظهر فيها هذه الأهمية:

1 – الطهارة مفتاح الصلاة:
الطهارة شرط صحة الصلاة، أمر الله تعالى بها عند القيام للصلاة، وشبهها النبي صلى الله عليه وسلم بالمفتاح الذي لا يمكن الدخول لمكان مَّا بدونه، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق…} [المائدة: 6]. أي إذا أردتم القيام. وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مفتاح الصلاة الطُّهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم). [3]

2 – الطهارة نصف الإيمان:
عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الطهور شطر الإيمان…) الحديث. [4]. والمراد بالطهور في الحديث ما يشمل الطهارة الحسية من الأقذار والأنجاس، والحكمية من الأحداث، والمعنوية من الأخلاق الذميمة، فإن الطهارة بهذا المعنى تشكل جزءا كبيرا من الإيمان. [5]

3 – الطهارة من الفطرة:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عشر من الفطرة…وعد منها: استنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، وانتقاص الماء). [6]
و(البراجم): جمع (بُرجُمة)، وهي مفاصل الأصابع التي ترتفع عند قبض الكف. [7]وانتقاص الماء: الاستنجاء، والمراد انتقاص البول باستعمال الماء حالة الاستنجاء. [8]

 

ج – أنواعها:

تنقسم إلى قسمين: 1 – طهارة عن النجاسة الحكمية. وتنقسم إلى صغرى وهي الوضوء، وكبرى وهي الغسل، ويخلف كلا منهما التيمم حال عدم الماء. 2 – طهارة عن النجاسة الحقيقية.

1 – الطهارة عن النجاسة الحكمية:

أولا: الوضوء: (فرائضه – سننه – مستحباته)
فرائض الوضوء:
فرائض الوضوء أربعة:غسل الوجه، واليدين مع المرفقين، ومسح ربع الرأس، وغسل الرجلين مع الكعبين. قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق…} [المائدة: 6]. أي إذا أردتم القيام.
الغسل: إسالة الماء على العضو وقطْره قطرة واحدة على الأقل. المسح: إصابة بِلَّة الماء محل المسح.
الوجه: من أول الجبهة إلى أسفل الذقَن طولا، وما بين شحمتي الأذنين عرضا. المرفق: العظم الفاصل بين الذراع والعضد. الكعب: العظم الناتئ المتصل بعظم الساق. [9]

سنن الوضوء:
1 – النية: وهي أن ينوي الوضوء أو رفع الحدث. ولا يثاب على الوضوء بدون النية، وإن صحت به الصلاة. ووقتها في أول الوضوء. [10]
2 – التسمية: ولفظها الوارد: بسم الله العظيم، والحمد لله على الإسلام. [11]
3 – غسل اليدين إلى الرسُغين: والرسُغ: المفصل بين الكف والذراع.
4 – السواك: واستعماله يكون عند المضمضة. 5 – المضمضة: بثلاث غرفات. 6 – الاستنشاق: بثلاث غرفات أيضا. 7 – مسح الأذنين: بالماء الذي يمسح به الرأس، لا بماء جديد. [12] 8 – تخليل اللحية: وهو إدخال الأصابع فيما بين شعرها. 9 – تخليل الأصابع: اليدين بالتشبيك، والرجلين بخنصر يده اليسرى. 10 – تثليث الغسل دون المسح. 11 – مسح كل الرأس. 12 – الترتيب. 13 – الوِلاء: وهو غسل العضو قبل جفاف الذي قبله. 14 – الدلك.

مستحبات الوضوء:
1 – التيامن. 2 – مسح الرقبة، لا الحلقوم. 3 – استقبال القبلة. 4 – الدعاء بالوارد بعد الوضوء: وهو: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين. [13]

 

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

_______________________________________________________________

[1] انظر: الفيومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير، مادة (ط، ه، ر).
[2] انظر: الغنيمي، عبد الغني، اللباب في شرح الكتاب /1/5/.
[3] أخرجه أحمد، مسند علي بن أبي طالب (1006)، وأبو داود، كتاب الطهارة، باب فرض الطهارة (61)، والترمذي، أبواب الطهارة، باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور (3).
[4] أخرجه مسلم، كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء (223).
[5] انظر: طهماز، عبد الحميد، الفقه الحنفي في ثوبه الجديد /1/24/.
[6] أخرجه مسلم، كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة (261).
[7] انظر: الرازي، محمد بن أبي بكر، مختار الصحاح، مادة (ب، ر، ج، م).
[8] انظر: النووي، يحيى بن شرف، شرح صحيح مسلم /3/150/.
[9] انظر: اللباب /1/5/.
[10] انظر: الحصكفي، محمد علاء الدين، الدر المختار ص 20 – 21.
[11] المرجع السابق ص 21.
[12] اللباب /1/9/.
[13] انظر: الدر المختار ص 21.