مقتطفات | لا إنكار في مسائل الاجتهاد | الشيخ إسماعيل المجذوب

بسم الله الرحمن الرحيم

 

  • هناك فائدة، إذا ذكرتها لكم هل تعترون بالاهتمام بها؟
  • من أمراض طلاب العلم أو المبتدئين بطلب العلم في عصرنا أنه كَثُرَ إنكار بعضهم على بعض في مسائل اجتهادية، وهذا خروج عن منهج العلماء، لا يُنكَرُ قولٌ اجتهادي، لكن القول الاجتهادي يمكن أن يتكلم فيه طلاب العلم في مجالس العلم (في البحث).

يعني هناك قول أن المعتدّة في الطلاق الرجعي (زوجة)، وقول بأن المعتدة في الطلاق الرجعي (ليست بزوجة)، يمكن أن نجلس في مجلس علم ونذكر أدلةً تُقوّي القول بأنها زوجة، وندرس أدلةً تقوّي القول بأنها ليست بزوجة، في مجلس العلم والبحث العلمي هذا أمر طيب، لكن في حياة الناس في المسائل الاجتهادية، هؤلاء يعملون بهذا القول، وأولئك يعملون بقول آخر، وكله فيه مجالٌ للاجتهاد، فلا يُنكَرُ على مسلم عَمِلَ بقولٍ مُجْتَهَدٍ فيه مادام القائل أهلاً للاجتهاد.

  • مثال:

أنا قلّدت الشافعي، الشافعي يقول: تلاوة القرآن على الميت لا يصل ثوابها، ويحتج بقوله تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ [النجم، 39]، وبعض من ينصر هذا القول يحتج بقوله «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث…»، فبعض الناس يقرأ القرآن، ويملي أنه يقرأ ليكون ثوابه لأمه الميتة، فيأتي هذا ويقول له لماذا تقرأ؟ اقرأ لنفسك، أمك ماتت وانقطع عملها! فيُنكِر عليه قراءة القرآن ويقول هذا مخالفٌ للقرآن (هذا من قلة العلم!)، كثير من أتباع الشافعي خالفوا الشافعي ووجودوا أن في استدلاله ضعفٌ، القائلون أن التلاوة لا تصل للميت وجدوا أن الدلالة ضعيفة ﴿بأن ليس للإنسان إلا ما سعى يقولون نعم له ما سعى وليس له غيره، نعم انقطع عمله كما هو صريح الحديث، لكن الآية والحديث لا يدلّان على أنه لا ينتفع بعمل غيره! ويذكرون بذلك أدلة قوية، وممن ناقش هذا الموضوع وهذه المسألة بتوسع ابن قيم الجوزية، بحث بحثاً مفيداً في منهجه، هذه المسألة خلافية، يصح أن يقلّد الإنسان من قالوا بأنه لا يصل ثواب التلاوة للميت أو الأعمال الأخرى، ويصح أن يقلّد القائلين بوصول التلاوة والأعمال الأخرى للميت، لكن كمنهج علم ابن القيم (في كتاب الروح) كتب أكثر من عشرين صفحة في هذا الموضوع، يمكن أن أذكِّر بالانتفاع به، لا لنصرة قولٍ على قول، بل ليطّلع طالب العلم المهج العلمي الذي سار عليه أهل العلم..