مقتطفات | أقل مدة الحيض وأكثره | الشيخ محمود دحلا

بسم الله الرحمن الرحيم

 

  • قال: وأقل الحيض ثلاثة أيام ولياليْها، وأكثره عشرة بلياليها – أي مع لياليها، هنا الباء بمعنى مع، بالبا استعن، وعد، عوض، ألصق * ومثل مع، ومن، وعن، ها أنطقِ – لقوله ﷺ «أقل الحيض للجارية البكر والثيّب ثلاثة أيام بلياليها».

إذن عندنا أحاديث تنصُّ على المقدار، والمقدارات الشرعية لا تثبت بالرأي (صلاة الفجر، الظهر، العصر، المغرب، العشاء، السنن الرواتب، مقدار الزكوات، الطواف، السعي، أقل مدة الحيض، أكثر مدة الحيض، أقل مدة النفاس، أكثر مدة النفاس..) هذه كلها مقدرات شرعية، فلا تثبت بالرأي، لابدّ فيها من نصوص، فنحن عملنا بهذه النصوص، ولم نُعمِل الرأي في معرفة أقل الحيض وأكثره، ولكن هذا الحديث وغيره أحاديث ضعيفة، فنذهب إلى علمائنا الفقهاء المحدّثين، وممن يفتخر بهم الحنفية أنهم فقهاء ومحدثون في المذهب الحنفي (الكمال ابن الهُمام، والزيلعي، والطحاوي رضي الله عنهم).

  • يقول الكمال ابن الهُمام:

بعد أن ذكر هذا الحديث وغيره من الأحاديث في شرحه على الهداية (شرح فتح القدير)، يقول فهذه عدة أحاديث عن النبي ﷺ متعدّدة الطرق، وذلك يرفع الضعيف إلى الحسن – صار كل حديث حسناً لغيره – والمقدّرات الشرعية مما لا يدرك بالرأي، فالموقوف فيما حكمه الرفع – يعني لو تكلم الصحابي في مقدار الحيض أقله وأكثره، أو النفاس أقله وأكثره، ذلك يقتضي السماع؛ لأنه لا مجال للرأي في المقدرات الشرعية – بل تسكنُ النفس لكثرة ما رُوي فيه – يعني في تقدير الحيض أقله وأكثره – عن الصحابة والتابعين إلى أن المرفوع مما أجاد فيه ذلك الراوي الضعيف – يعني أحياناً طالب في الدراسة ضعيف، والثاني والثالث والرابع والعاشر ضعفاء، كلهم أجابو جواباً واحداً، فموافقة الضعيف للضعيف تسكن النفس أن ما أجاب به هو الصحيح، فهنا يقول ابن الهمام (تسكنُ النفس لكثرة ما رُوي فيه) عندما نقول ضعيف ونقول حسن ونقول صحيح هذا من حيث الحكم على الأسانيد، وإلا قد يكون الضعيف ضعيفاً من حيث الحكم على هذا السند لانفراده، لكن من حيث الحكم على ما يُستنبط من هذه الأحاديث لا يكون فيه ضعف.

أردنا أن نبين بهذا دليل الحنفية أن أقل الحيض 3 أيام، وأكثر الحيض 10 أيام.