لي صديقة غير مسلمة وأرغب يإسلامها فهل يمكنني أن أهديها مصحفاً تتعرف به على الإسلام؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى 

السؤال

لي صديقة غير مسلمة وأرغب يإسلامها فهل يمكنني أن أهديها مصحفاً تتعرف به على الإسلام؟

الجواب

 بسم الله الرحمن الرحيم

لا ما نع من أن تقدمي لصديقتك مصحفاً تتعرف به على دين الإسلام وأحكام المسلمين، لكن هذا ليس على إطلاقة بل مقيدٌ بشرطين:

الأوّل: أن يغلب على ظّنّك عدم تعريض صديقتك غير المسلمة المصحف للإهانة والاستخفاف أو تتسبب بذلك. (1)

والثّاني: أن تُمكَّن صديقتك من المصحف على سبيل الإعارة المؤقّتة بمدّة تكفيها للاطّلاع عليه، لا التّمليك بالإهداء وشبهه. لأنّ الرّخصة بإعطائها المصحف إنّما وقعت لأجل مصلحة، وإلاَّ فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يسافَر بالقرآن إلى أرض العدو وعلل ذلك فقال: “لَا ‌تُسَافِرُوا ‌بِالْقُرْآنِ. فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ”. (2)

ونقول للسائلة: الله تعالى أنزل القرآن بلاغا لكلّ النّاس، كما قال: {يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً} [النّساء: 174]، فكلّ بني آدم مخاطبون به: مسلمُهم وكافرهم، والمصحف يُبَلَّغُ تلاوةً، كما قال تعالى: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ) [التّوبة: 6]، ويُبَلَّغُ كتابةً، فالتّلاوة والكتابة جميعًا وسيلتان للتّبليغ، ولم يقل أحدٌ بمنع تمكين الكافر من استماع القرآن، بل الدّعاة إلى الله تعالى مأمورون بإسماع القرآن؛ فإذا صحّ هذا ساغ أن يبلّغوه كتابة كما يبلّغونه تلاوة، حيث تساويا جميعا بهذا الاعتبار.

ثمّ نحن اليوم في زمان تعيّن الكتاب فيه كطريق من أهمّ طرق التّبليغ، كما يحصل بطريق الأشرطة الصّوتيّة المسجّلة، بل الواقع يشهد لاعتبار تقديم الكتاب في التّبليغ، فإذا كان الكافر مقصودًا برسالة الإسلام فلا ينبغي أن يُحال بينه وبين الأسباب الّتي تمكّنه من الوصول إليها، والّتي تعدّ المصاحف من جملتها، لكن بالشرطين السابقين. (3)

وأخيراً:

رغبة المسلم في إيصال الهداية للمسلمين شيء حسن يثاب عليه المسلم بل هو من أسباب خيرية هذه الأمة ﴿كُنْتُمْ ‌خَيْرَ ‌أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110] ولكن ينبغي أن يكون هذا منضبطاً بضوابط شريعتنا، فالغاية لا تبرر الوسيلة، بل الغاية الشريفة تحتاج الوسائل السليمة أيضاً.

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

(1):حاشية ابن عابدين (4/130).
(2):صحيح مسلم (1869).
(3):المبسوط للسرخسي (10/29)؛ شرح مشكل الآثار للطحاوي (5/165)، حاشية ابن عابدين (4/130).
المقدمات الأساسية في علوم القرآن ص556.

[الشيخ] أنس الموسى

الشيخ أنس الموسى هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م 

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي. 

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.