كيف أحبب الصلاة إلى أولادي؟
يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع الياقتي
السؤال
كيف أحبب الصلاة إلى أولادي؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين ، و بعد :
هناك خطوات و طرق كثيرة في تحبيب الصلاة إلى الأولاد و تختلف هذه الطرق و تتفاوت مستوياتها على حسب مستوى الطفل العمري و العقلي، و من أهم هذه الخطوات و الطرق : الطريقة العملية، و ذلك بالتقليد و المحاكاة للآباء و الأمهات، و أن يكون الأمر بالصلاة و التدريب عليها بمحبة و بعبارات لطيفة في كل المراحل و خاصة في مرحلة التمييز إلى سن العاشرة .
و من أهم الطرق الفعالة أيضاً ، التشجيع و الترغيب بأنواعه : بالكلام ،و الأفعال، المادية و المعنوية و بث روح المنافسة و التحدي بين الأولاد ،و غير ذلك
و من الأمور المهمة أيضاً التعريف بالصلاة و فضلها : و ذلك على حسب عمر الطفل و ما يفهمه من المعاني
و أخيراً أقول : إن محبة الأولاد لدينهم و للعبادات و مدى التزامهم بها مستقبلاً ، متوقف و مرتبطٌ بشكل كبير جداً بكيفية تصرف الآباء و الأمهات، و حكمتهم في كيفية تدريبهم للأولاد و تعليمهم عليها منذ الصغر ؛ فكلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته.
البيان و التفصيل :
و كما في قوله صلى الله عليه وسلم : « رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ». رواه الترمذي (2)
و مما يدل على المكانة العظمى للصلاة في الإسلام؛ كثرةُ ذكرها، و الأمرُ بإقامتها في القرآن، و اقترانُها مع ذكر الإيمان.
بعد أن تكلمنا عن مكانة الصلاة في الإسلام و وجوب الأمر بها و تدريب الأولاد عليها ؛ نتكلم الآن عن كيفية تدريب الأولاد عليها و تحبيبهم بها، و ذلك عن طريق الخطوات التالية :
فعن سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : « أَنَّهُ بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ مَيْمُونَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ – وَهِيَ خَالَتُهُ -. قَالَ: فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الْوِسَادَةِ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا. فَنَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ، أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الْآيَاتِ الْخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِي وَأَخَذَ بِأُذُنِي الْيُمْنَى يَفْتِلُهَا. فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَ الْمُؤَذِّنُ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ. ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ .» متفق عليه (4)
– و هذا التشجيع قد يكون بالكلام : كذكر كلمات المحبة مثل : (إذا صليت فإن الله تعالى سيحبك أكثر و كذلك الرسول صلى الله عليه و سلم ) و غير ذلك من العبارات
– و قد يكون بالتقبيل و الاحتضان و المسح على الرأس و غير ذلك من الأفعال: كما فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم مع ابن عباس -رضي الله عنهما- لمَّا وقف بجانبه كما ذكر لنا في الحديث أعلاه حيث قال : ( ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِي وَأَخَذَ بِأُذُنِي الْيُمْنَى يَفْتِلُهَا.)
– و قد يكون بالتشجيع المادي ببعض المكافآت المادية : كالأطعمة و الألعاب المفيدة أو النزهات ..
– و قد يكون ببث روح المنافسة و التحدي بين الأولاد : بوضع برنامج أو جدول يومي ، يضم أوقات الصلاة مع ذكر النقاط أو الدرجات عند أداء كل صلاة مفروضة ، ثم المكافأة على حسب عدد النقاط في نهاية الشهر ، ثم تُضاف السنن الرواتب و الآداب في المستوى الأعلى و هكذا .
رابعاً – التعريف بالصلاة و فضلها و مكانتها و جزاء المصلين: و التمهيد بذكر فرضيتها على المسلم إذا أصبح كبيراً (بالغاً) ، فيُمهّد للطفل أنه إذا كبر سيكون مكلفاً بها ، فهو الآن في مرحلة التدريب و التعليم
ملاحظة أولى : كل هذه الخطوات يمكن العمل بها في نفس الوقت و لكن تختلف كيفيتها و التفصيل فيها على حسب عمر الطفل : فمثلاً بالنسبة للطفل المميز يمكن أن نذكر له -بدايةً عندما نتكلم معه عن فضل الصلاة- : أن الله تعالى يحبه أكثر و الرسول صلى الله عليه و سلم كذلك؛ إذا صلى، وكلما صلى أكثر زادت درجة المحبة. ثم في المرحلة الأكبر نطلعه على بعض الأحاديث و الآيات التي تبين فضل الصلاة و أنها طريق إلى الجنة ، ثم بعد البلوغ مثلاً نعرفه بأهمية الصلاة و فضلها في تكفير الذنوب و الخطايا و أنها إذا صلحت صلحت سائر الأعمال و غير ذلك ، فعن سيدنا أَبي هُريْرةَ رضي الله عنه أنه قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم : «إِنَّ أَوَّل مَا يُحاسبُ بِهِ العبْدُ يَوْم القِيامةِ منْ عَملِهِ صلاتُهُ، فَإِنْ صَلُحت، فَقَدْ أَفَلحَ وَأَنجح، وَإنْ فَسدتْ، فَقَدْ خَابَ وخَسِر، فَإِنِ انْتقَص مِنْ فِريضتِهِ شَيْئًا، قَالَ الرَّبُّ جل و علا : انظُروا هَلْ لِعَبْدِي منْ تَطَوُّع، فَيُكَمَّلُ مِنْهَا مَا انْتَقَص مِنَ الفَرِيضَةِ؟ ثُمَّ يكونُ سَائِرُ أَعمالِهِ عَلى هَذَا» رواه التِّرمِذِيُّ (5) و هكذا على حسب الحال .
بناء على ما سبق :
و أوصيكم ثانياً باتباع هذه الخطوات التي ذكرناها أعلاه -قدر المستطاع- مع كثرة الدعاء للأولاد بالهداية و الثبات و أن يجعلهم الله من عباده الصالحين و معهم يوم الدين.. آمين.المصادر و المراجع :
2- سنن الترمذي : رقم ( 2616).
4- صحيح البخاري : رقم (992) [2\24]- و صحيح مسلم : رقم (763) [2\179]
5-. أخرجه الترمذي : رقم (413). وَقَالَ حديث حسن