ماذا أفعل إذا سمعت الأذان؟

 يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع الياقتي  

السؤال

ماذا أفعل إذا سمعت الأذان؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، و بعد:يُسن لك أخي المسلم إذا سمعت الأذان أن تنصت للمؤذن و تردد خلفه مثل ما يقول إلا عند “الحيعلى” تأتي “بالحوقلة” و عند “التثويب” في أذان الفجر تقول ” صدقت و بررت” ، ثم بعد انتهاء الأذان تصلي و تسلم على النبي صلى الله عليه و سلم ثم تدعو بالدعاء المأثور ( اللهم ربّ هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته). ثم تستعد تتطهر للصلاة و تبادر إلى المسجد و يستحب لك الدعاء بين الأذان و الإقامة و خاصة طلب العافية في الدنيا و الآخرة و الله أعلم.

 
البيان و التفصيل :

 

لقد دعا الإسلام إلى إظهار و إشهار شعائر الدين في المجتمع المسلم، و اجتماع المسلمين على أداء بعض العبادات و الفرائض الأساسية، كالصلاة و ما يتعلق بها، و من أهم و أعظم هذه الشعائر الأذان، و قد ورد في فضله أحاديث كثيرة منها
عن أَبِي صَعْصَعَةَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رضي الله عنه، قَالَ لَهُ: إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الغَنَمَ وَالبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ، أَوْ بَادِيَتِكَ، فَأَذَّنْتَ بِالصَّلاةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ: “لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المُؤَذِّنِ، جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ، إلا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ”. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.”(1)
بعد هذه المقدمة في بيان أهمية الأذان و فضله نعود للإجابة على السؤال فنقول : يستحب لك أيها المسلم إذا سمعت الأذان أن تفعل الأمور التالية :
1-  الإنصات إلى المؤذن و الاشتغال بإجابته بترديد مثل ما يقول إلا عند قوله “حي على الصلاة ” و  ” حي على الفلاح” تقول : ” لا حول و لا قوة إلا بالله”. و في أذان الفجر تقول -عند قول المؤذن ” الصلاة خير من النوم” – : “صدقت و بَرِرت” مرتين، أي: صرت ذا برٍّ، أي: خيرٍ كثير.
و عند قوله في الإقامة ” قد قامت الصلاة” ، تقول : أقامها الله وأدامها وجعلني من صالحي أهلها .

فعن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ أَحَدُكُمُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ. ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ. ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ. ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ. ثُمَّ قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ ».(2)
2-  بعد انتهاء المؤذن من الأذان تصلي على النبي صلى الله عليه و سلم ، ثم تدعو بهذا الدعاء المأثور : ( اللهم ربّ هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته).
فعَنْ ‌عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: « إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ؛ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ. فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ ».(3) متفق عليه
و عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ».(4)
 و عَنْ ‌سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: « مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ».(5)

3- الدعاء بين الأذان و الإقامة بما تشاء ، و خاصة ” طلب العافية في الدنيا و الآخرة ” كما ورد عن النبي صلى الله عليه و سلم ، فعن أنس بن مالك – رضي الله عنه -: أَنَّ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم- قال: «الدُّعَاءُ بين الأذَانِ والإقَامَةِ لا يُرَدُّ» . زاد في رواية قال: «فَمَاذَا نَقولُ يا رسولَ الله؟ قال: سَلُوا الله العَافِيةَ في الدنيا و الآخرة »(6)
4-  الاستعداد للصلاة بالطهارة لها و المبادرة إلى المسجد قدر المستطاع.
فعَنِ الْأَسْوَدِ رضي الله عنه أنه قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَة رضي الله عنها : “مَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ، تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ”.(7)
و عنه أيضاً، أنه قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ -رضي الله عنها – عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم بِاللَّيْلِ، فَقَالَتْ: كَانَ يَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَقُومُ فَإِذَا كَانَ مِنَ السَّحَرِ أَوْتَرَ، ثُمَّ أَتَى فِرَاشَهُ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةُ الْمَرْءِ بِأَهْلِهِ كَانَ، فَإِذَا سَمِعَ الأَذَانَ وَثَبَ، فَإِنْ كَانَ جُنُبًا أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَإِلَاّ تَوَضَّأَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ.” (8)

و في رواية ” فَإِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ – أَوِ الْمُنَادِيَ – قَامَ، فَإِنْ كَانَ جُنُبًا اغْتَسَلَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جُنُبًا تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ»(9)

بناء على ما سبق :

 

فيستحب لنا و لك -أخي المسلم- إذا سمعنا النداء أن نقول مثل ما يقول ثم ندعو بالدعاء المأثور ثم نبادر إلى الصلاة و خاصة في المسجد و ترك جميع الأعمال كما كان حال السلف الصالح رضي الله عنهم ، ثم الاشتغال بالدعاء بين الأذان و الإقامة و خاصة بطلب العافية في الدنيا و الآخرة كما أرشدنا إلى ذلك صلى الله عليه و سلم ، و بذلك نكون قد قمنا بحق الوقت -كما يقول العلماء- و فغلنا ما طلب منا الشرع ، و الله أعلم

 

 



المصادر و المراجع :
1- صحيح البخاري: رقم (7109)
2- صحيح مسلم رقم (385) ، [2\4]
3- صحيح البخاري : رقم (576) ، و صحيح مسلم : رقم (577)
4- صحيح البخاري : رقم (614) [1\126]
5- صحيح مسلم رقم (386) ، [2\4]
6- رواه الترمذي برقم (212) ، ورقم (3588) ، وأبو داود رقم (521)
7- صحيح البخاري رقم (644) [1\239]
8- صحيح ابن حبان [7\21] (6051)
9- مسند أبي يعلى: [8\226] رقم (4794)