كلمة الشيخ نوح كلر بشأن هجوم نيوزيلندا الغاشم

يتقدم الشيخ نوح كلر برسالة مؤازرة وإحياء لجموع الأمة الإسلامية عقب الهجوم الإرهابي المروع بمدينة كرايست تشرتش بنيوزيلندا.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
الإخوة والأخوات،
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
 
الحمد لله الذي لا يحمد على مكروهٍ سواه، والحمد لله على نعمه ظاهرةً وباطنةً، وأفضل الصلاة والسلام على نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، ومن والاه إلى يوم الدين.
 
{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿١﴾ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: ۱-۲]. يذكرنا الله مراراً وتكراراً في مختلف المواضع القرآنية بحتمية الموت، فلكل امرئ موعد مع ملك الموت، يعلمه الله، مدون في اللوح المحفوظ، مسلماً كان أو كافراً، والآخرة هي الأبقى: بقاءً بديعاً جميلاً لمن آمن، وأما من كفر فيترقب سوء الختام وأشد العذاب:
 
{رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُمْ وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٨﴾ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ ۚ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿٩﴾ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّـهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ} [غافر ٨-١٠].
 
فما الموت إلا انقضاء الحياة الدنيا بما فيها من فتن ومحن، وبداية الحياة الآخرة الأبدية؛ وعلى مرتكب هذه الجريمة الشنعاء أن يواجه في هذه الدنيا بالصرامة الكاملة للقانون، مع أنه سيصب عليه من العذاب الحقيقي ما تحققه العدالة الإلهية الحقيقية والكاملة التي تتتجلى في الآخرة، والتي لا نهاية لها.
 
نسأل الله العظيم أن يوفق الجهات المسؤولة لوضع المعايير والضوابط التي تحافظ على أرواح المواطنين وتحميهم من الجرائم المماثلة، وتحد من السماح المفرط بحمل السلاح لكل من حصل على ترخيص لاقتنائها، خصوصاً تلك التي لا تمت بأية الصلة لأدوات ومعدات الصيد.
 
اللهم أوزعنا على أن نتفكر في ماهية حيواتنا، وإن بدت طويلة ومزدهرة، مهما كانت قصيرة، وأن نملئها بالأعمال الصالحة التي ترضيك؛ اللهم احفظ والطف بالناجين وأظهر حبك وعطفك للناجين ممن لهم فقيد في هذه المأساة المريرة، والهم أهالي الضحايا الصبر والسلوان، اللهم ووفقنا في مسعانا للاقتداء بسنة نبيك محمد عليه الصلاة والسلام في حق الجيرة وحسن المعشر مع من نخالط، ابتغاء وجهك الكريم، آمين.
 
يخبرنا الله بمحدودية رؤيتنا وأفعالنا وإن كانت حقيقة عواقبها وتبعاتها لا حصر لها، وأنها خُلِقَت بحكمة إلهية لامتناهية ومتعدية، وهو ما خلقنا لأجل فهمه والاستفادة منه، ثم المضي قدماً.
 
خالص تعازي في شديد أحزانكم، حفظكم الله ورعاكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
نوح كلر