سلسلة شعب إيمانية | محبة رسول الله ﷺ ج4 | المقالة الثلاثون والأخيرة | د. محمد فايز عوض

نماذج من  المحبة


         إذا أردنا أن نعرف مفهوم المحبة فليس أمامنا بد إلا أن ننظر في فعل أهل حقيقة المحبة، وهم أصحاب النبي ؛ فإنهم قد رأوه وسمعوه ورافقوه وصاحبوه وعرفوه حق المعرفة، ورأوا من حسن خلقه ما لم يعرفه من لم يروه، فخالطت محبته بشاشة قلوبهم، وسرت في عروقهم، وجرت مع الدماء في شرايينهم، وتشعبت في أرواحهم فلم يبق فيهم مكان إلا ملأته، ولا مسلك إلا دخلته. فلما امتلأت القلوب بمحبته تحركت الجوارح بطاعته، ونطقت الأقوال والأفعال باتباع سنته، ودللت المواقف على صدق ادعائهم، وتقديمه على أموالهم وأولادهم، وأزواجهم وآبائهم وأمهاتهم.

صور من محبة الصحابة للنبي :
         إن المُطالع لتاريخ وسير الصحابة رضوان الله عليهم يجد حقيقية واضحة مشتركة لديهم جميعاً على ما يلتقون، ألا وهي محبتهم العظيمة لنبيهم ، رجالُهم ونساؤُهم على ذلك متفقون، واستحضار جميع صور محبتهم له يستلزم ذكر سيرهم جميعاً، وهذا ما يضيق به الوقت بل الأجل، لذا سنتعرض لبعض من مظاهر ذلك الحب الكبير، فما لا يدرك كله لا يترك جله:

1 ♦ الدفاع عنه وحمايته وبذل النفس في ذلك:
         يقول ابن القيم رحمه الله: (كان الصحابة يقونَ رسول الله في الحرب بنفوسهم حتى يُصرعوا حوله).

         ويوم اجتمع كفار قريش يريدون أن يضربوا رسول الله فجاء أبو بكرٍ يدافع عن رسول الله ، فتركوا الرسول وتوجهوا إلى أبي بكر وضربوه بنعالهم، قال ابن هشام: وحرفوا نعالهم في وجهه حتى سقط مغشياً عليه، ما يعرف وجهه من أنفه – أي من شدة التورم – قال ثم حمل ما يشك في موته أحد – من شدة مالقي من الضر – قال: فلما أفاق كان أول ما قال: ما فعل رسول الله ؟ قالوا: هو بخيرٍ كما تحب! قال: حتى أراه، فحمل يهادى بين رجلين فلما رأى وجه رسول الله تهلل وجهه وفرح رضي الله عنه وأرضاه.

         وقال ابن هشام: وقاتلت أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية يوم أحد، فذكر سعيد ابن أبي زيد الأنصاري أن أم سعد بنت سعد بن الربيع كانت تقول: دخلت على أم عمارة، فقلت لها: يا خالة أخبريني خبرك، فقالت: خرجت أول النهار أنظر ما يصنع الناس ومعي سقاء فيه ماء، فانتهيت إلى رسول الله وهو في أصحابه، والدولة والريح للمسلمين، فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله، فقمت أباشر القتال وأذب عنه بالسيف، وأرمي عن القوس؛ حتى خلصت الجراح إلّي، قالت: فرأيت على عاتقها جرحاً أجوف له غور، فقلت لها: من أصابك بهذا؟ قالت: ابن قمئة أقمأه الله لما ولى الناس عن رسول الله، أقبل يقول: دلوني على محمد، لا نجوت إن نجا، فاعترضت له أنا، ومصعب بن عمير، وأناس ممن ثبت مع رسول الله، فضربني هذه الضربة، ولقد ضربته على ذلك ضربات، ولكن عدو الله كانت عليه درعان.

         وقد ترس أبو دجانة دون رسول الله بنفسه يقع النبل في ظهره، وهو منحن عليه حتى كثر فيه النبل.

         و انتهى أنس بن النضر – في غزوة أحد – عم أنس بن مالك إلى عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله في رجال من المهاجرين والأنصار، وقد اتقوا بأيديهم، فقال: فما يجلسكم؟ قالوا: قتل رسول الله ، قال: فما تصنعون بالحياة بعده، قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله ، ثم استقبل القوم، فقاتل؛ حتى قتل، وبه سمي أنس بن مالك، قال أنس بن مالك: لقد وجدنا بأنس بن النضر يومئذ سبعين ضربة فما عرفه إلا أخته عرفته ببنانه.

2 ♦ خوفهم من فراقه:
         فمن أحب شيئاً خشي أن يفقده لذا كان الصحابة أشد ما يخشون فراقه

         أخرج أحمد «عن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال: لما بعثه رسول الله ﷺ إلى اليمن خرج معه رسول الله ﷺ يوصيه ومعاذ راكب ورسول الله يمشي تحت راحلته فلما فرغ قال: “يا معاذ إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك أن تمر بمسجدي هذا وقبري ” فبكى معاذ جزعاً لفراق رسول الله »

         وأخرج الطبراني عن عائشة رضى الله عنها قالت: «جاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله، إنك لأحب إليَّ من نفسي، وإنك لأحب إليَّ من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى أتي فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وإني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك فلم يرد عليه النبي شيئاً حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الآية ﴿وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا».

3 حنينهم إليه، وشوقهم للقائه:
         وفي سير أعلام النبلاء لما ذهب بلال إلى الشام، قدم عمر الجابية فسأل المسلمون عمر أن يسأل لهم بلالًا يؤذن لهم، فسأله، فأذن يوماً، فلم ير يوماً كان أكثر باكياً من يومئذ، ذكراً منهم للنبي ..
         كما ثبت عن كثير منهم عند وفاتهم رضي الله عنهم قولهم: (غداً نلقى الأحبة، محمداً وصحبه).

4 النبي أولاً وتفضيله على مَن سواه:
         فقد أخرج الطبراني عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: «لما كان يوم أُحد حاص أهل المدينة حيصة وقالوا: قُتِل محمد، حتى كثرت الصوارخ في ناحية المدينة، فخرجت امرأة من الأنصار محرمة فاستقبلت بأبيها وابنها وزوجها وأخيها لا أدري أيهم، استقبلت بهم أولاً، فلما مرَّت على أحدهم قالت: من هذا؟ قالوا: أبوك، أخوك، زوجك، ابنك تقول: ما فعل رسول الله يقولون: أمامك، حتى دُفعت إلى رسول الله فأخذت بناحية ثوبه، ثم قالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لا أبالي إذا سلمت من عطب. وفي رواية قالت: كل مصيبةٍ بعدك جلل، أي هينة».
         قال ابن هشام: “الجلل يكون من القليل ومن الكثير، وهو ها هنا القليل”.

5 التنافس في محبته:
        «فعن أسامة بن زيد عن أبيه قال: “اجتمع علي و جعفر و زيد بن حارثة فقال جعفر: أنا أحبكم إلى رسول الله وقال علي: أنا أحبكم إلى رسول الله وقال زيد: أنا أحبكم إلى رسول الله فقالوا: انطلقوا بنا إلى رسول الله نسأله قال أسامة: فجاؤوا يستأذنونه. فقال: أخرج فانظر من هؤلاء فقلت: هذا جعفر وعلي وزيد فقال: ائذن لهم فدخلوا، فقالوا: يا رسول الله من أحب إليك؟ قال: فاطمة، قالوا: نسألك عن الرجال فقال: “أما أنت يا جعفر فأشبه خلقك خلقي وأشبه خلقي خلقك وإنك مني وشجرتي، وأما أنت يا علي فختني وأبو ولدي وأنا منك وأنت مني، وأما أنت يا زيد فمولاي ومني وإلي وأحب القوم إلي ».

         قال إسحاق التجيبي: كان أصحاب النبي بعده لا يذكرونه إلا خشعوا، واقشعرت جلودهم وبكوا.

6 ♦ محبة ما يحب :
         فقد كان أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه يقول: “والذي نفسي بيده، لقرابة رسول اللهأحب إليَّ أن أصل من قرابتي”.

         وقال عمر للعباس رضي الله عنهما: “أن تُسْلِم أحبّ إليَّ من أن يسلم الخطّاب؛ لأن ذلك أحبّ إلى رسول الله “.

         وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لأبيه: “لم فضَّلْت أسامةَ عليَّ؟ فوالله ما سبقني إلى مشهد، قال: لأن زيدًا كان أحبَّ إلى رسول الله من أبيك، وكان أسامة أحبَّ إلى رسول الله منك، فآثرت حب رسول الله على حبي”.

         قال القاضي عياض: “فبالحقيقة من أحب شيئًا أحب كل شيء يحبه، وهذه سيرة السلف حتى في المباحات وشهوات النفس، وقد قال أنس حين رأى النبي يتتبع الدباء من حوالي القصعة: فما زلت أحب الدباء من يومئذ، وهذا الحسن بن علي وعبد الله بن عباس وابن جعفر أتوا سلمى وسألوها أن تصنع لهم طعامًا مما كان يعجب رسول الله وكان ابن عمر يلبس النعال السبتية ويصبغ بالصفرة إذ رأى النبي يفعل نحو ذلك”.

7 حرصهم على سلامته من الأذى:
         ومن ذلك قصة زيد بن الدثنة، عندما ابتاعه صفوان بن أمية ليقتله بأبيه، فبعثه مع مولى له يقال له نسطاس إلى (التنعيم)، وأخرجه من الحرم ليقتله، واجتمع رهط من قريش، فيهم أبو سفيان بن حرب، فقال له أبو سفيان – حين قدم ليقتل -: أنشدك بالله – يا زيد – أتحب أن محمداً الآن عندنا مكانك نضرب عنقه، وإنك في أهلك، قال: والله ما أحب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، وإني جالس في أهلي!! فقال أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمداً ثم قتله نسطاس.

8 امتثال أمره: فالمحب لمن أحب مطيع:

        «ومن ذلك أن عبد الله بن رواحة رضى الله عنه أتى النبي ذات يوم وهو يخطب، فسمعه وهو يقول: ” اجلسوا ” فجلس مكانه خارجاً عن المسجد حتى فرغ النبي من خطبته، فبلغ ذلك النبي فقال له: ” زادك الله حرصاً على طواعية الله وطواعية رسوله».

9 ♦ حرصهم على أن يكون أخر عهد لهم بالدنيا مس جسده المبارك:
        «فعندما كان الرسول يسوي صفوف المسلمين إذ لامس بطن سواد بن غزية بجريدة كانت بيده فقال سواد: لقد أوجعتني يا رسول الله!! فكشف رسول الله عن بطنه الشريف وقال: ” استقد مني يا سواد “. فأسرع سواد فاحتضن رسول الله ثم جعل يقبل كشحه، ثم قال: يا رسول الله، لقد ظننت أن هذا المقام هو آخر العهد بك، فأحببت أن يمس جلدي جلدك كي لا تمسني النار».


اشتياق التابعين ومن بعدهم للنبي
         فقال: لئن يكون عندي منه شعرة أحب إلي من كل صفراء وبيضاء -يعني من الذهب والفضة –  على ظهر الأرض.

         فماذا تكون مشاعر الإمام البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وأبي داود وأحمد والبيهقي وأهل الحديث كافة وهم يكتبون الحديث عنه ويجولون في البلاد لجمعه، ويسهرون الليل لكتابته، ويدرسون علل الأساليب، ماذا كان شوقهم، وكيف كانت حالتهم، وأهل الإيمان يتمنى الواحد منهم أنه رأى النبي لحظة ليحظى بأجر الصحبة؟

فَيَبكي إِن نَأَوا شَوقاً إِليهِمُ

وَيَبكي إِن دَنَوا خَوفَ الفِراقِ

        «وقال : مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ».

نسينا في ودادك كلَّ غالٍ

فأنتَ اليومَ أغلى ما لدينا

نلامُ على محبتكم ويكفي

لنا شرفٌ نلام وما علينا

ولما نلقكم لكن شوقاً

يذكرنا فكيف إذا التقينا

تسلّى الناس بالدنيا وإنا

لعمر الله بعدك ما سلينا

         خرج الركب العراقي حاجّاً في سنة 394هـ ، فلما فرغوا من الحج عزم أميرهم على العود سريعاً إلى بغداد وألا يقصدوا المدينة النبوية خوفاً من سرّاق الحجيج، فقام شابان قارئان على جادة الطريق التي منها يُعدل إلى المدينة النبوية – عند المفرق – وقرآ: ﴿مَا كَانَ لأَهْلِ المَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللَّهِ وَلاَ يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ. فضجّ الناس بالبكاء، وأمالت النوق أعناقها نحوهما، فمال الناس بأجمعهم والأمير إلى المدينة فزاروا وعادوا سالمين إلى بلادهم.

         لم يكن الشوق ولم تكن المحبة ولم يكن الميل من البشر إليه فقط، أراد الجن أن يلتقوا به، أي الصالحين والمؤمنين منهم فالتقوا به أكثر من مرة،

        «كانَ المَسْجِدُ مَسْقُوفًا علَى جُذُوعٍ مِن نَخْلٍ، فَكانَ النبيُّ إذَا خَطَبَ يَقُومُ إلى جِذْعٍ منها، فَلَمَّا صُنِعَ له المِنْبَرُ وكانَ عليه، فَسَمِعْنَا لِذلكَ الجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ العِشَارِ، صَوتًا كصَوتِ العِشارِ، (يَعني: النَّاقةَ الَّتي بلَغَتْ في حَمْلِها الشَّهرَ العاشِرَ، وهو صَوتٌ كصَوتِ الحَنينِ والحُزنِ،) حتَّى جَاءَ النبيُّ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَسَكَنَتْ».

        «وقال عن الجذع: فقالَ : لو لم أحتَضِنْهُ، لحنَّ إلى يومِ القيامةِ».

وَالجِذعُ حَنَّ إِلَيهِ عِندَ فِراقِه

شَوقاً حَنينَ الهائِمِ الوَلهانِ

         وكَانَ الْحَسَن البصري إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيث بكى وقال: “يَا مَعْشَر الْمُسْلِمِينَ الْخَشَبَة تَحِنّ إِلَى رَسُول اللَّه ﷺ شَوْقًا إِلَى لِقَائِهِ فَأَنْتُمْ أَحَقّ أَنْ تَشْتَاقُوا إِلَيْهِ”..

         كان حجر بمكة يسلم على النبي قبل أن يبعث.. والشجرة أعلمته باجتماع الجن له، وأخبرته ذراع الشاة المسمومة بما فيها. 

         فقد أَهدتِ امرأةٌ يَهوديَّةٌ إلى رسولِ اللَّهِ شاةً مصلية فلمَّا مدَّ يدَهُ ليأْكلَ «قالَ رسولُ اللَّهِ إنَّ عُضوًا من أعضائِها يخبِرُني أنَّها مسمومةٌ فامتنعَ رسولُ اللَّهِ وامتنعَ من معَهُ فأرسلَ إلى اليَهوديَّةِ فقالَ ما حملَكِ على أن أفسدتِها بعدَ أن أصلحتِها قالَت أردتُ أن أعلمَ إن كنتَ نبيًّا فإنَّكَ ستعلمُ ذلِكَ وإن كنتَ غيرَ نبيٍّ أرحتُ النَّاسَ منْكَ»

        «وكَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ الْأَنْصَارِ لَهُمْ جَمَلٌ يسقون عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْجَمَلَ اسْتُصْعِبَ عَلَيْهِمْ فَمَنَعَهُمْ ظَهْرَهُ، فجَاؤوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فأخبروه -مساكين محتاجين لهذا-، فَقَام معهم حتى أتى الجمل، فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ: إِنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ صَوْلَتَهُ، فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيَّ مِنْهُ بَأْسٌ. فَلَمَّا نَظَرَ الْجَمَلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ أَقْبَلَ نَحْوَهُ حَتَّى خَرَّ سَاجِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ بِنَاصِيَتِهِ أَذَلَّ مَا كَانَتْ قَطُّ حَتَّى أَدْخَلَهُ فِي الْعَمَلِ». 

أنتَ الذي حنَّ الجمادُ لعطفهِ

وشكا لك الحيوانُ يومَ رآكا

والجِذعُ يُسْمَعُ بالحنين أنينُه

وبكاؤُه شوقًا إلى لُقياكا

         قال مالك: “حجّ [أيوب السختياني] حجتين، فكنت أرمقه، ولا أسمع منه، غير أنه كان إذا ذُكر النبي ، بكى حتى أرحمه، فلما رأيت منه ما رأيت، وإجلاله للنبي كتبت عنه”..

         وقال مصعب بن عبد الله: “كان مالك إذا ذُكر النبي يتغير لونه وينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه، فقيل له يوماً في ذلك، فقال: لو رأيتم ما رأيت –يعني من شوق من قبلي- لما أنكرتم عليَّ ما ترون”

وكان عامر بن عبد الله بن الزبير إذا ذكر عنده النبي بكى حتى لا يبقى في عينيه دموع:

نزف البكاء دموع عينك فاستعر        عيناً لغيرك دمعها مدرارُ