سلسلة توجيهية لطلبة العلم |المقالة السادسة | طالب العلم والملائكة | الشيخ د. باسم عيتاني

طالب العلم والملائكة

النموذج الثالث:

 من كان يخطو طريق العلم الرباني له حظ وافر بأن تتغشاه الملائكة عليهم السلام ، والنص الذي يذكر وضع الأجنحة لطالب العلم فيه دلالة على التوقير والتبجيل لطالب العلم، والنص الذي يذكر حف أجنحة الملائكة لطالب العلم فيه دلالة على العناية والرعاية والحماية والصيانة له، بل يترقى الأمر إلى سماع الملائكة من خلال التمثيل مثلاً، وإلى رؤيتهم في حالة التمثل، وقد تصل إلى مصافحتهم، ، وهذه تعتبر تجليات جمالية ينزلها الله لينتفع بنورانيتها طالب العلم، والله يعطي من يشاء من هذه الهبات الربانية كيف يشاء ومتى شاء، والله على كل شيء قدير.

ومن النماذج التي صدقت عليها هذه التجليات الرائعة الصحابي الجليل سيدنا عمران بن حصين، وهو من رواد العلم والمعرفة، وهو من علماء الصحابة رضي الله عنهم، وقد لازم النبي ﷺ وشرب من معين الوحي، ووصل إلى مرتبة الاجتهاد في الفقه الإسلامي حيث كان له فتاوى تبلغ جزءاً صغيراً، وروى مايقارب مئة وثمانين حديثاً عن رسول الله ﷺ، روى له الشيخان أي البخاري ومسلم تسعة أحاديث اتفقا عليها، وانفرد البخاري بخمسة أحاديث وأما مسلم فقد انفرد بتسعة.

  وولاه الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه القضاء في البصرة، وتفرغ فيها ليفقه الناس وليعلمهم دين الله وشرعه ويبين سنة نبيه ﷺ

كان عظيم الأثر على رواد العلم والمعرفة ، ويظهر ذلك جلياً من هذا العدد الكبير من التلامذة الذين نهلوا من علمه من جيل التابعين رحمهم الله تعالى ، وتربوا على يديه، وهؤلاء أبرزهم:

  1.  بشير بن كعب بن أُبَي وهو من كبار التابعين.
  2. تميم بن نذير وهو من كبار التابعين.
  3. حسان بن حُرَيْث وهو من كبار التابعين.
  4. الحسن بن يسار وهو من الطبقة الوسطى من التابعين.
  5. محمد بن سيرين وهو من الطبقة الوسطى من التابعين.
  6.  بلال بن يحيى وهو من الطبقة الوسطى من التابعين.
  7. حبيب بن أبي فضلان وهو من الطبقة الوسطى من التابعين.
  8. حُجَيْر بن الربيع وهو من الطبقة الوسطى من التابعين.
  9.  حفص بن عبد الله وهو من الطبقة الوسطى من التابعين.
  10. الحكم بن عبد الله بن إسحاق وهو من الطبقة الوسطى من التابعين
  11. ثابت بن أسلم وهو من الطبقة دون الوسطى من التابعين.

فهذا العَلَم من الصحابة الذي قضى حياته في التعلم والتعليم والتفقه والتفقيه فقصته مع الملائكة عجيبة فقد انطبق عليه حديث النبي ﷺ: “لصافحتكم الملائكة على فرشكم”، فملائكة الرحمن تزور هذا العَلَم لما له من صفات ربانية يتحلى بها، فقد ورد عن الصحابي الجليل قتادة رضي الله عنه: ( أَنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانَتْ تُصَافِحُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ حَتَّى اكْتَوَى) وقال ابن حجر رحمه الله تعالى: (وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ كَلَامَ الْمَلَائِكَةِ)  وورد (أنه كانت الملائكة تسلم عليه)

فكانت به بواسير، فكان يصبر وكانت الملائكة تسلّم عليه فلما اشتد ألمه اكتوى فانقطع سلامهم عليه ثم ترك الكي حتى مات فعادت الملائكة تسلّم عليه.

قَالَ مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ: (قَالَ لِي عِمْرَانُ بنُ حُصَيْنٍ: أُحَدِّثُكَ حَدِيْثاً عَسَى اللهُ أَنْ يَنْفَعَكَ بِهِ إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمَعَ بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ، وَلَمْ يَنْزِلْ فِيْهِ قُرَآنٌ يُحَرِّمُهُ، وَأَنَّهُ كَانَ يُسَلَّمُ عَلَيَّ -يَعْنِي- المِلاَئِكَةَ. قَالَ: فَلَمَّا اكْتَوَيْتُ، أَمْسَكَ ذَلِكَ؛ فَلَمَّا تَرَكْتُهُ، عَادَ إِلَيَّ).