الدور المشرف لآل بيت أبي بكر الصديق في إنجاح الهجرة وحماية الدعوة | د. وليد الحسيني

 

في البداية نحن نؤمن أن الله قادر على أن يحمل نبيه على جناح جبريل ويوصله إلى المدينة، أو يطوي له الأرض فيصلها بخطوة واحدة، او يوحي اليه بأخبار المشركين ، لكنه درس يعلمنا الأخذ بالأسباب والحذر …

 

كانت هناك مخاطر رافقت هجرة رسول الله وصاحبه أبي بكر الصديق، إذ أن مدة الخروج من مكة الى مدة الخروج من الغار استغرقت أربعة أيام، من ضمنها ثلاثة في الغار، رغم أن الغار لا يبعد عن مكة المكرمة سوى 4 كيلومترات فقط ، وذلك لخطورة الموقف… 

 

    • وهنا تتجلى لنا مواقف عظيمة لآل بيت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم، منها:

 

  • 1- أم رومان زوجة الصديق (وهي والدة أم المؤمنين عائشة) رضي الله عنهم جميعا، قامت أم رومان بتهيئة مخبأ مناسب في البيت آوى إليه الصاحبان بعد أن خرجا من البيت النبوي أثناء محاصرة الكفار له، وكان مخبئاً محفوظًا، حيث داهم الكفار الدار وفتشوه فلم يجدوا الصاحبين، وبعد ذلك انطلقا من بيت أبي بكر نحو الجبل جنوبًا، فكان لأم رومان دور في حفظ الإسلام.

 

  • 2- عندما داهم المشركون بيت أبي بكر، سألوا ابنته أسماء: أين أبوك وصاحبه؟ فقالت: لا أدري، فصفعها اللعين أبو جهل صفعة أسقط قرطها من أذنها وسقطت على الأرض تبكي، وثبتت فلم تكشف السر رضي الله عنها.

 

  • 3- في الغار كان الصاحبان الكريمان ينتظران أن ييأس المشركون ويكفوا البحث عنهما كي يخرجا ويتمّا هجرتهما بسلام، فلابد إذن من مخبر..

 

 قام بهذه المهمة عبد الله بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، كان عبد الله فتىً حدث السن نبيهًا، وكان يقضي نهاره بمكة يستمع الأخبار، فإذا نام المشركون خرج ليلًا وبات مع النبي وصاحبه الصديق يخبرهما بأخبار مكة، ويرجع قبل الفجر فلا يحس المشركون بخروجه ولا بدخوله.. 

هو حقًا ضابط مخابرات الهجرة..

 

  • 4- لعل سائلًا يسأل: عندما كان الصاحبان في الغار أين كان دليلهما أريقط؟ وأين كانت النوق؟

فالجواب: أن النبي وأبا بكر رضي الله عنه ذهبا للغار مشيًا وليس معهما إبل، ولم يكن معهما الدليل، فالغار قريب من مكة ولا حاجة لدليل،  والذهاب للغار هو رحلة تمويهية مؤقتة لإيهام الكفار، وليس ضمن طريق الهجرة، وهو في طريق مغاير لطريق المدينة، أما الإبل ودليل الصحراء فكان اصطحابهم بعد الخروج من الغار.

 

  • 5- هذه الصبية أسماء بنت الصديق، لم تكتف بالثبات وحفظ السر، ولم يخِفْها ضرب الكفار، بل كانت فوق هذا الدور تحمل الطعام، وقد قطعت نطاقها قطعتين، لفّت بأحدهما الطعام والشراب وتنطّقت بالآخر، و جازفت بالذهاب إلى الغار رغم حداثة سنها، في صحراء مظلمة منقطعة مهولة، يخاف منها حتى شجعان الرجال، فنالت هذه الفتاة العظيمة لقبًا سمّاها به رسول الله صلى خلدها به التأريخ، إنها ذات النطاقين..