هل يجب الأذان والإقامة في الجماعة فقط أم يجب منفرداً في البيت أيضاً ؟

 يجيب عن السؤال الشيخ محمد فايز عوض

السؤال

هل يجب الأذان والإقامة في الجماعة فقط أم يجب منفرداً في البيت أيضاً ؟

الجواب

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
اتّفق الفقهاء على أنّ الأذان من خصائص الإسلام وشعائره الظّاهرة،
شرع الأذان بالمدينة في السّنة الأولى من الهجرة لحديث عبد اللّه بن عمر أنّه قال : كان المسلمون حين قدموا المدينة ، يجتمعون فيتحيّنون الصّلاة ، ليس ينادى لها ، فتكلّموا يومًا في ذلك ، فقال بعضهم: اتّخذوا ناقوسًا مثل ناقوس النّصارى ، وقال بعضهم: بل بوقًا مثل قرن اليهود ، فقال عمر : أولا تبعثون رجلًا ينادي بالصّلاة ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: « يا بلال ، قم فناد بالصّلاة  »([1]) ،
 ثمّ جاءت رؤيا عبد الله بن زيدٍ قال : لمّا أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالنّاقوس ليضرب به للنّاس في الجمع للصّلاة طاف بي وأنا نائمٌ رجلٌ يحمل ناقوسًا في يده ، فقلت له : يا عبد الله ، أتبيع النّاقوس ؟ قال : ما تصنع به ؟ قال : فقلت ندعو به إلى الصّلاة ، قال : أفلا أدلّك على ما هو خيرٌ من ذلك ؟ قال : فقلت له : بلى ، قال : تقول الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلّا الله أشهد أن لا إله إلّا الله ، أشهد أنّ محمّدًا رسول الله أشهد أنّ محمّدًا رسول الله ، حيّ على الصّلاة حيّ على الصّلاة ، حيّ على الفلاح حيّ على الفلاح ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلّا الله . ثمّ استأخر غير بعيدٍ ، ثمّ قال : تقول إذا أقيمت الصّلاة : الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلّا الله أشهد أنّ محمّدًا رسول الله ، حيّ على الصّلاة حيّ على الفلاح ، قد قامت الصّلاة قد قامت الصّلاة ، الله أكبر الله أكبر لا إله إلّا الله . فلمّا أصبحت أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبرته بما رأيت ، فقال : «إنّها لرؤيا حقٍّ إن شاء الله ، فقم مع بلالٍ ، فألق عليه ما رأيت فليؤذّن به ؛ فإنّه أندى صوتًا منك» . قال : فقمت مع بلالٍ ، فجعلت ألقيه عليه ، ويؤذّن به قال : فسمع ذلك عمر بن الخطّاب ، – وهو في بيته – فخرج يجرّ رداءه يقول : والّذي بعثك بالحقّ لقد رأيت مثل الّذي أري ، قال : فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : « فللّه الحمد ».([2])

حكم الأذان والإقامة:

الأذان والإقامة مشروعان للصلوات الخمس وهما سنّةٌ لكلّ الصّلوات في الحضر والسّفر للجماعة والمنفرد لا يجبان بحالٍ([3])
و هما سنة مؤكدة على الكفاية في حق الجماعة، أما بالنسبة للمنفرد فهو سنة عينية([4])
فإذا كان المنفرد ببلدةٍ أُذِّن فيها، أو فاتته جماعةُ المسجد؛ فإنه يُشرع له الأذانُ والإقامة مِن باب ذكر الله بالألفاظ التوقيفية لا للإعلام بدخول الوقت، تحصيلًا لفضيلة الأذان كما ثبت في حديث أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه وغيرِه مرفوعًا: «إِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ بِالصَّلاَةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلاَ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ إِلاَّ شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»([5])
 وكذلك حديث عقبةَ بن عامرٍ رضي الله عنه مِن حديث عقبةَ بنِ عامرٍ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: « يَعْجَبُ رَبُّكَ مِنْ رَاعِي غَنَمٍ فِي رَأْسِ الشَّظِيَّةِ لِلْجَبَلِ يُؤَذِّنُ لِلصَّلَاةِ وَيُصَلِّي ، فَيَقُولُ اللهُ : انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ لِلصَّلَاةِ ، يَخَافُ مِنِّي ، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ، وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ»([6]).
وقد صحَّ ذلك -أيضًا- مِن فعلِ أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه: فعن أبي عثمان قال: مَرَّ بِنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فِي مَسْجِدِ بَنِي ثَعْلَبَةَ فَقَالَ: أَصَلَّيْتُمْ؟، قَالَ: قُلْنَا: نَعَمْ ، وَذَاكَ صَلَاةُ الصُّبْحِ، فَأَمَرَ رَجُلًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ ثُمَّ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ([7])
وفقنا الله لاتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم و الاهتداء بهديه

([1])البخاري (604) ومسلم (377) وابن خزيمة (361) وأحمد (6468) وعبد الرزاق (1776)
([2]) أحمد (16739) وابن خزيمة (363) وابن حبان (1679) وأبو داود (499)
([3]) المهذب في فقه الإمام الشافعي للشيرازي 1/107، المجموع شرح المهذب 3/82
([4]) الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى 1/113
([5])البخاري (609)
([6])ابن حبان (1660) والنسائي (665 / 1) وأحمد (17585)
([7])البيهقي (1949) وأبو يعلى (4355)