هل يجوز للطفل ان يؤم في الصلاة؟

 يجيب عن السؤال الشيخ الدكتور محمد أبو بكر باذيب

السؤال

هل يجوز للطفل ان يؤم في الصلاة؟

الجواب

بسم الله والحمدلله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد؛ فإن الإمامة في الصلاة من الواجبات الكفائية، ولا يشترط لصحة الإمامة البلوغ، بل تصح من الطفل المميز الذي يصلي صلاة صحيحة مكتملة الأركان.

قال الإمام البغوي في (التهذيب): “وتجوز الصلاة خلف الصبي الذي يعقل، والبالغ أولى منه. وكره عطاء، والشعبي، ومالك، والأوزاعي، والثوري، وأبو حنيفة إمامة الصبي”(1)، ومثله في (كفاية النبيه) لابن الرفعة(2).

ولخص العلامة الحصني في (كفاية الأخيار) مسألة إمامة الصبي، قال رحمه الله: “وأما جواز الاقتداء بالصبي، فلأن عمرو بن سلمة، رضي الله عنه، كان يؤم قومه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ابن ست أو سبع سنين(3).

نعم البالغ أولى من الصبي، وإن كان الصبي أفقه وأقرأ، للإجماع على صحة الاقتداء به، بخلاف الصبي. ولأن البالغ صلاتُه واجبةٌ عليه، فهو أحرص بالمحافظة على حدُودها. وكلام الرافعيِّ يشْعِر بعدم كراهة إمامة الصبي، لكن في (البويطي): التصريح بالكراهة. وهذا كله في الصبي المميز؛ أما غير المميز: فصلاته باطلةٌ، لفقدان النية”(4).

هذا الحكم في مذهب الشافعية عام في جميع الصلوات سوى الجمعة، وأما فيها فقد حكى الدميري في (النجم الوهاج) الإجماع على بطلانها(5).

فقد تبين للسائل الكريم حكم إمامة الصبي، وأنها جائزة مع الكراهة عند الإمام الشافعي بحسب ما ورد في (مختصر البويطي) وهو من تلامذة الإمام الشافعي مباشرة، هذا للصبي المميز، أما غير المميز فباطلة. كما أنه لا يجوز أن يصلي إماماً في الجمعة، لعدم انعقادها إلا بالبالغ.

فالأفضل عدم تقديم الصبي إماماً خصوصاً في المساجد، نعم قد يحب بعض الآباء أن يمرنوا أبناءهم على الإمامة فليكن ذلك في البيت، أو في صلاة نفل كالتراويح مثلاً، وقد كان من عادات أهل مكة شرفها الله أن يقدموا الصبيان للإمامة في جماعات مخصوصة محصورة في ليالي شهر رمضان ليتمرنوا على الإمامة، وليقووا محفوظهم من القرآن الكريم، والله الموفق والهادي سواء السبيل.

الهوامش:

1- الإمام البغوي، التهذيب في فقه الإمام الشافعي: 2/ 265.

2- ابن الرفعة، كفاية النبيه في شرح التنبيه: 4/ 18.

3- صحيح البخاري، حديث رقم 613.

4- الحصني، كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار: ص 131.

5- الدميري، النجم الوهاج في شرح المنهاج: 9/ 60.

[الشيخ] الدكتور محمد أبو بكر باذيب

هو الشيخ الدكتور محمد أبو بكر باذيب عالم إسلامي من علماء اليمن، مواليد شبام – حضرموت 1976م

نال الشيخ الإجازة في الشريعة من جامعة الأحقاف، والماجستير من جامعة بيروت الإسلامية، والدكتوراه في أصول الدين من جامعة عليكرة الإسلامية .(AMU)

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ الحبيب أحمد مشهور الحداد، والشيخ فضل بافضل، والحبيب سالم الشاطري، والحبيب علي مشهور بن حفيظ، وغيرهم…

كان مديرَ المطبوعات في دار الفقيه، ونائبَ مدير العلاقات الثقافية بجامعة الأحقاف سابقاً، ومساعدَ شؤون الموظفين في شركة عطية للحديد سابقاً، وباحثاً في مركز السنة التابع لمؤسسة دلة البرك، وباحثاً في مؤسسة الفرقان فرع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة

وهو الآن باحث في مؤسسة الفرقان فرع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويقوم بالتدريس التقليدي بطريقة الإجازة في دار الفقهاء تركيا، ويشرف على القسم العربي بمعهد نور الهدى العالمي (SeekersGuidance)، وعضو أمناء دار المخطوطات بإستانبول

من مؤلفاته: جهود فقهاء حضرموت في خدمة المذهب الشافعي، وإسهامات علماء حضرموت في نشر الإسلام وعلومه في الهند، وحدائق النعيم في الفقه الشافعي،  بالإضافة إلى تحقيق عدد من الكتب الفقهية والتاريخية وفي فن التراجم والأثبات (الأسانيد)