هل علي أن أكتب عقدا إذا تداينت أحدا؟

يجيب عن السؤال الشيخ باسم عيتاني

السؤال

هل علي أن أكتب عقدا إذا تداينت أحدا؟

الجواب

أخي السائل: حكم تثبيت الدين في عقد مكتوب وفيه شهود مندوب ولا يأثم من ترك كتابة عقد الدين، وتثبيت الدين فيه بُعد شرعي وهو حفاظ المال للآخر بوسيلة ظاهرة تسمى الكتابة، وهي طريقة فيها توثيق الدين المؤجل بين الدائن والمدين وفيها أمان من النسيان لكلا الطرفين، وفيها بُعد عن إنكار الدين من المدين.

واستدل الفقهاء على استحباب كتابة العقد من قوله تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ﴾ [ البقرة:282]

والأمر فاكتبوه  يفيد هنا الندب.

قد يخطرعلى بالك سؤال: كيف استدل الفقهاء بهذه الآية على استحباب كتابة عقد الدين مع أن الأمر يفيد الوجوب؟

نعم صحيح أن الأمر يفيد الوجوب، ولكن إذا وجد قرينة تصرفه إلى الاستحباب فيكون مستحباً، وهنا جاءت قرينة من خلال السياق القرآني في الآية التالية: ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ﴾ [ البقرة: 283]  أي: فإن أمن بعض الدائنين بعض المديونين بحسن ظنه به فلم يتوثق بالكتابة والشهود والرهن فعليه أن يؤدي الدين الذي هو أمانة في ذمته، وفي الآية حث للمدين على أن يكون عند ظن الدائن وأمنه منه وائتمانه له وأن يؤدي إليه الحق الذي ائتمنه عليه فلم يكتب ولم يُشهد ولم يرتهن منه وعليه أن يتقي ربه في إنكار حقه. [ ينظر: النسفي، مدارك التنزيل وحقائق التأويل]

أخي السائل : التوثيق بالكتابة هو المرجع عند التنازع الذي لا تنقطع أسبابه بسبب النفس الأمارة بالسوء التي تتجاوز حدودها عند الطمع، والنفس التي تدفع المرء كثيراً إلى المحرمات، والشهوة العارمة التي تطغى عند البعض، وعند التنازع كثيراً من الناس يأكل  بعضهم مال بعض بالباطل، فننصح بالتوثيق حتى يُحفَظ حق كل واحد من الطرفين.

1- النسفي، أبو البركات عبد الله بن أحمد، دار الكلم الطيب ، بيروت – لبنان، ط1،(1419 هـ – 1998 م) 1/227،228