هل أول ما نزل من القرآن ﴿يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ﴾؟
السؤال
الجواب
-
أما ما ورد عن جابر رضي الله عنه:
فهو في صحيح مسلم عن يَحْيَى بن أبي كثير قال: “سَأَلْتُ أَبَا سَلَمَةَ: أَيُّ الْقُرْآنِ أُنْزِلَ قَبْلُ؟ قَالَ: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، فَقُلْتُ: أَوِ اقْرَأْ؟ فَقَالَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ: أَيُّ الْقُرْآنِ أُنْزِلَ قَبْلُ؟ قَالَ: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. فَقُلْتُ: أَوِ اقْرَأْ؟ قَالَ جَابِرٌ: أُحَدِّثُكُمْ مَا حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: «جَاوَرْتُ بِحِرَاءٍ شَهْرًا، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِي نَزَلْتُ فَاسْتَبْطَنْتُ بَطْنَ الْوَادِي فَنُودِيتُ فَنَظَرْتُ أَمَامِي وَخَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي فَلَمْ أَرَ أَحَدًا، ثُمَّ نُودِيتُ فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا ثُمَّ نُودِيتُ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا هُوَ عَلَى الْعَرْشِ فِي الْهَوَاءِ (يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام) فَأَخَذَتْنِي رَجْفَةٌ شَدِيدَةٌ فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَقُلْتُ: دَثِّرُونِي فَدَثَّرُونِي فَصَبُّوا عَلَيَّ مَاءً فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وجل: ﴿يا أيها الْمُدَّثِّرُ ۞ قُمْ فَأَنْذِرْ ۞ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ۞ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ »“ [المدثر: 1- 4] (1).
-
أما ما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها:
فهو حين ذَكرت أول ما بُدئ به رسول الله من الوحي وفيه: «فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ، قَالَ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ. قَالَ: فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ۞ خَلَقَ الإِنْسَانَ من علق ۞ اقرأ وربك الأكرم﴾. فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي» (2)
والتحقيق:
فهذا صريح في أنّ الوحي سبق بالنّزول قبل أن ينزل بـ ﴿يا أيها الْمُدَّثِّرُ﴾، لكنّ جابرًا لم يعلم أنّ ذلك الّذي سبق كان اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ، ولذلك لم ينكر هذا القول حين سأله عنه أبو سلمة بن عبد الرّحمن، وإنّما ذكر ما عنده من العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمّا عائشة فكان عندها بخصوص ذلك من العلم ما لم يكن عند جابر.
وخلاصة القول:
وأخيراً:
تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ أنس لموسى، وراجعها الشيخ فراز رباني.
الشيخ أنس الموسى عالم إسلامي من مواليد سورية حماة 1974م. حاز على إجازة في الحديث الشريف من جامعة الأزهر، وماجستير من جامعة يلوا في نفس التخصص، فضلاً عن أنه مجاز في الهندسة من جامعة دمشق. تتلمذ على أكابر علماء الشام ومشايخها: كالشيخ بكري الطرابيشي، والشيخ أديب الكلاس، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، وغيرهم…
لديه خبرة واسعة في تطوير التدريس والمناهج في المعاهد الإسلامية في سورية وتركية وغيرهما…
يقوم بالإقراء بالقراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة، ومدرس لمختلف العلوم الشرعية في كثير من المعاهد الشرعية، ويقوم بالتدريس التقليدي بطريقة الإجازة في دار الفقهاء تركية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] صحيح مسلم (257).
[2] صحيح البخاري (3).
[3] صحيح البخاري (4).
[4] ينظر: البرهان في علوم القرآن للزركشي (1/ 207)؛ مناهل العرفان للزرقاني (1/ 93)؛ علوم القرآن الكريم د. نور الدين عتر ص35؛ المحرر في علوم القرآن د. مساعد الطيار ص81.