ناقوس الخطر: مقال عن التقسيم العقائدي للعالم الإسلامي وخطورته للحبيب أبي بكر المشهور

ناقوس الخطر هو خطر تقسيم العالم الإسلامي من الناحية العقائدية إلى طوائف دينية، وهذا الأمر يوضح معالم الخطورة فيه الحبيب الأديب أبو بكر المشهور، وينطوي كلامه على خطورة تقسيم العالم الإسلامي إلى سنة متطرفة بعيدة عن أهل السنة الأساسيين وشيعة مقنعة بعيدين كذلك عن الشيعة الأساسيين، ويبين أن أهل السنة ضد الأنماط التي لا تلتزم بالمنهج الوسط، وأثر هذا التقسيم على العالم الإسلامي الذي ينقله إلى صراع دموي، وبيان الموقف المفترض على العقلاء اتخاذه.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تتسارع الأحداث وتنطوي على مفاجآت تلو المفاجآت، ولعل أخطرها من وجهة نظر المرصد النبوي: تقسيم العالم العربي والإسلامي عقائدياً إلى: سنة متطرفة وشيعة متعجرفة. وهذا التوصيف لا يأتي من فراغ، وإنما هي الخطة التي خرجت من رحم المفهوم الذي سبق توصيفه في فقه التحولات بمسمى: السنة المصنعة والشيعة المقنعة.

فالسنة المصنعة قد أفرزت على مدى السنوات المتلاحقة موذجاً من التطرف حمل مسمى الخوارج  دون تفصيل بين أهل السنة الشرعية والسنة المصنعة، أو ما تسمى في فقه التحولات بالسنة الأساسية والسنة السياسية، وهي كذلك مبدأ المذهب الإمامي فهناك شيعة مقنعة، أو هي بلغة فقه التحولات: شيعة أساسية وشيعة سياسية. والبرنامج الذي ينطلق في مسيرة الاكتمال والتطبيق على نموذجين:

الأول: اصطدام السنة المصنعة مع الشيعة المقنعة.

الثاني: ذوبان السنة الأساسية والشيعة الأساسية ضمن الصراع المعد لهذه المرحلة: سنة متطرفة وشيعة متعجرفة، وهذا ما يخطط له وينفذه رعاة الأبلسة في العالم الإسلامي المستضعف، ولسنا نحن هنا ضد الفريقين، ولكنا ضد سياسة العنصر المدبر للاصطدام بين الفريقين إن لم يلتزم الجميع بمنهج النمط الأوسط.

وقد نُفّذ المشروع الإبليسي تحت سمع ونظر القوى المتنفذة في الواقع المحلي والإقليمي على أفضل الوجوه المقررة، وما علينا إلا التأمل فيما دار، وفيما يدور في العديد من الأوطان العربية منذ فجر الربيع العربي كما يسمّى، وهو آخر نماذج السياسة الدجالية في الأمة إلى اليوم.

إن هذا التحليل المطروح يحمل تحذيرين هامين لمن ألقى السمع وهو شهيد:

التحذير الأول: انتقال العالم العربي والإسلامي من مرحلة التعدي المذهبي الهش إلى صراع مذهبي دموي بين فريقين هما كما سبق توصيفهما:

(1) سنة متطرفة لا غير.

(2) شيعة متعجرفة لا غير.

ويقف الشرق الراعي للتطرف السياسي الدولي في جانب التّشَيُّع المتعجرف، كما يقف الغرب الراعي للتطرف السياسي الدولي في جانب التسنن المتطرف، وقد خلط الشرق والغرب أوراقهما لتحقيق هدف شيطاني دجالي واحد كما هو في بعض مجريات المرحلة المعاصرة.

وهذا الوقوف في حد ذاته ليس جديداً، وإنما هو يعود مرحلة بعد أخرى بصور متنوعة، وكلا النموذجين يحققان المبدأ الدجالي الشيطاني “فرق تسد”: الشرق السياسي، والغرب السياسي، وكلاهما رغم افتراقهما في نظر الناس، وفي مخرجات السياسة لكن قاسمهما المشترك تحقيق هدف الشيطان في البشرية، وهذا ما يعنيه الشعار المتداول “فرق تسد”، أي:  تجزئة المجموع لتتم السيادة للمسبب الأساسي في سياسة التجزئة والمستثمر لها. وبهذه السياسة الشيطانية تسيّر شؤون العالم المعاصر إلا من رحم الله.

التحذير الثاني: عند حصول المحظور يصعب الرجوع للمربع الأول إلا بمدفوعاتٍ وضحايا كثيرة، وتلطُّخٍ بالدَّم والذم، وهذه مشكلةٌ وليست علاجًا.

الموقف المفترض

إذن والحال كما أشرنا ويؤيد هذه الإشارة ما يدور في الواقع المعاصر، فلا بد لنا من اتخاذ موقف ما ولو من باب الافتراض، وهذا ما يجب على العقلاء والمتنفذين النظر فيه:

  • أن نرجع للعلم الشرعي لنحسم من خلاله المشكلة
  • أن نترك العلم الشرعي كما هو الحال الآن ونجعل آراء المجموعات هي الحكم والفيصل
  • أن نجمع بين العلم الشرعي وآراء العقلاء بشروط
  • أن نتبع العلم الشرعي المسيس على صفته التقليدية
  • أن نتبع العلم الشرعي المسيس على صفة التطرف
  • أن نتبع العلم الشرعي على صفته الطائفية بين الإفراط والتفريط

ولكل واحد من هذه الأقسام رجاله وأتباعه ومؤيدوه، بل وهناك قسم آخر، وهم الذين يرون حل المشكلة في ترك الشرع الشريف بحذافيره، ليأخذوا تجارب الأمم المتقدمة كما يسمونها، وقد فعلوا. ولا أعلم من زماننا إلا التكتل لدى كل مجموعة على ما تراه مناسباً لها، وما تعتقده سبباً في نجاح أسباب حياتها، وهذا هو ما أفرزته المراحل إلى اليوم على كلا المحورين، الحكم والعلم.

والحكم: قرار الملك والاقتصاد إذ بهما يستقيم الأمن والاطمئنان بكل صوره.

وأما العلم: فقرار الضبط الشرعي والاعتقاد، وبهما يستقيم الدين والعلاقات الاجتماعية.

وباختلافهما يختل الأمن والاقتصاد، والضبط الشرعي للعلم والاعتقاد، وهذا هو عين ما نعانيه في أوطاننا المسلوبة، وثرواتنا المنهوبة، وعواطفنا المشبوبة.

وحق لنا أن نقول ما قاله الحق سبحانه {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: ۱٥٦-۱٥٧].

ولا زلنا في انتظار الإجابة ممن يعنيهم الأمر، أيُّ الطُّرُق المشار إليها سلفاً يجب أن نسلكها لعلاج المشكلة إن كان هناك من يقدر حجمها؟ وأما إذا لم يكن هناك من يقدر فقد حق لنا أن نقول:

لقد أسمعتَ لو ناديتَ حياً          ولكن لا حياةَ لمن تنادي

ونارٍ لو نَفَخْتَ بها أضاءتْ       ولكن ضاع نفخك في الرمادِ