مقتطفات | يطلعُ الآن عليكم رجل من أهل الجنة (سعد بن مالك) | د. يوسف خطار

بسم الله الرحمن الرحيم

 

  • جاء في الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال، كنا جلوساً مع رسول الله ﷺ فقال: «يطلع الآن عليكم رجلٌ من أهل الجنة، فطلع رجل من الأنصار، تَنْطفُ – أي تقطر –لحيته من وضوئه، قد علَّق نَعْلَيه بيده الشِّمال، فلمَّا كان الغد، قال النَّبي ﷺ مثل ذلك، وطلع ذلك الرَّجل مثل المرَّة الأولى، فلمَّا كان اليوم الثَّالث، قال النَّبي ﷺ مثل ذلك أيضًا، وطلع ذلك الرَّجل على مثل حاله الأولى، فلمَّا قام النَّبي ﷺ تبع عبد الله بن عمرو بن العاص ذلك الرجل، فقال: إنِّي لَاحَيْت – اختلفت وخاصمت – أبي فأقسمت ألَّا أدخل عليه ثلاثًا، فإن رأيت أن تُـؤْوِيَني إليك حتَّى تمضي – الليالي الثلاثة ليطلع على أعماله في الليل – فَعلتُ. فقال: نعم. قال أنس: فكان عبد الله يحدِّث أنَّه بات معه تلك الليالي الثَّلاث، فلم يره يقوم من اللَّيل شيئًا، غير أنَّه إذا تعارَّ – استيقظ – ذَكَر الله عزَّ وجلَّ وكبَّر حتَّى صلاة الفجر، قال عبد الله: غير أنِّي لم أسمعه يقول إلَّا خيرًا. فلمَّا مضت الثَّلاث ليال، وكدت أن أحتقر – أستصغر –  عمله – أراه قليلاً – قلت له: يا عبد الله، لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر، ولكن سمعت رسول الله ﷺ يقول ثلاث مرات: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنَّة، فطلعت أنت الثَّلاث مرات، فأردت أن آوي إليك فأنظر ما عملك، فأقتدي بك، فلم أرك تعمل كثير عملٍ، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله ﷺ؟ فقال: ما هو إلا ما رأيت، فلما ولّيتُ دعاني، فقال: ما هو إلا ما رأيت غير أنِّي لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غِشًّا، ولا أحسد أحدًا على خير أعطاه الله إياه. فقال له عبد الله بم عمرو: هذه التي بلغت بك – أي السبب لدخولك الجنة». قال الحافظ المنذري: رواه أحمد والنسائي، قال ورواه أبو يعلى والبزّار بنحوه، وسمى الرجلَ المبهمَ سعداً.

 

  • ثم قال الحافظ المنذري: ورواه البيهقي أيضاً عن سالم بن عبد الله عن أبيه – أي ابن عمر – رضي الله تعالى عنهم قال: «كنا جلوساً عند رسول الله ﷺ فقال: ليطّلعنّ عليكم رجلٌ من هذا الباب من أهل الجنة، فجاء سعد بن مالك رضي الله عنه، فدخل منه – قال البيهقي: فذكر الحديث – قال: فقال عبد الله بن عمروٍ: ما أنا الذي أنتهي حتى أبيتُ عند الرجل فأنظر عمله، فذكر الحديث في دخوله عليه، قال عبد الله: فناولني سعدُ عباءةً فاضطجعت عليها قريباً، وجعلت أرمقه – أنظره – بعيني ليله – أي كله – كلما تعارّ سبّح وكبّر وهلل وحمد الله تعالى، حتى إذا كان وجه السحر – صار وقت السحر – قام فتوضأ، ثم دخل المسجد فصلى ثِنْتي عشرةَ ركعةً باثنتي عشرةَ سورةً من المفصّل ليس من طواله ولا من قِصاره، ويدعو في كل ركعتين بعد التشهد بثلاث دعوات، يقول: اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار».