ما حكم استعمال مستحضرات التجميل التي تحتوي على مواد أولية فيها مشتقات حيوانية؟

يجيب عن السؤال الشيخ عبد الرحمن الخرسة

السؤال

 ما حكم استعمال مستحضرات التجميل التي تحتوي على مواد أولية فيها مشتقات حيوانية؟ وهل هناك خلاف في طهارتها؟

الجواب

مستحضرات التجميل التي تحتوي على مواد أولية فيها مشتقات حيوانية يختلف حكمها حسب الحيوان المأخوذ منه:

فإن كان الحيوان حلالاً بعد ذكاته ـ أي ذبحه ـ كالغزال والبقر مثلاً فلا إشكال في جوازها وحلِّ استعمالها، وإن كان الحيوان محرماً كالخنزير فإننا ننظر: إن تمت معالجتها حتى تحولت إلى مادة أخرى قبل إضافتها فإنه يجوز استعمالها لأنها بالاستحالة أصبحت طاهرة(1). أما إذا لم تحصل معالجتها أو حصلت ولكنها لم تتحول إلى مادة أخرى فإنها تبقى على أصلها من النجاسة وحرمة الاستعمال.

أما إذا كانت مجهولة الحال أو المصدر فالظاهر أنها مباحة لعموم البلوى ولأن أغلب هذه المواد المصنعة قد جرى عليها معالجات حتى تحولت عن أصلها.

ويمكن للشخص أن يقرأ مكونات هذه المستحضرات ليعرف ما إذا كان من بين مركباتها شيء محرم أم لا لأن الأصل صحيح ولا يوجد ما يدعو إلى الشك فيها ولا يلزم التعمق والبحث فيما وراء ذلك لأنه يفضي إلى الحرج والعنت وهو مدفوع عن هذه الأمة قال تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج}[سورة الحج: 78].

والذي يجري عادة أن الشركة المصنعة تكتب مكونات كل سلعة على غلافها بصورة مفصلة ترفع الشك، وأحياناً تكون هناك عبارة مبهمة مشبوهة مثل أن تكتب ضمن المكونات “دهون حيوانية” دون تحديد نوع الحيوان هل هو عجل او خنزير ففي مثل هذه الحالة يجب توخي الحذر طالما وجدت الشبهة لأن كونها من المحرم ليس احتمالاً ضعيفاً وهذا يكفي في وجوب تجنبها.

فإذا لم تكن تلك المكونات على السلعة فما لم يحصل اليقين أو غلبة الظن بحرمة أصل هذه المواد فلا يحظر استعمالها إلا أنه يستحب اجتنابها على سبيل الورع والاحتياط وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: {دع ما يريبك إلى ما لا يريبك}(2) أي: اترك ما تشك فيه إلى ما لا شك فيه.

وفقنا الله وإياكم إلى الحلال الطيب المبارك في كل شيء، وأبعدنا عن الحرام والشبهات بفضله ورحمته.


(1) قال الإمام ابن نجيم رحمه الله تعالى: “والسابع ـ أي من المطهرات ـ انقلاب العين، فإن كان في الخمر فلا خلاف في الطهارة، وإن كان في غيره كالخنزبر والميتة تقع في المُملَّحة فتصير ملحاً يؤكل والسِّرقين والعذرة تحترق فتصير رماداً تطهر عند محمد خلافاً لأبي يوسف، وكثير من المشايخ اختاروا قول محمد، وفي الخلاصة: وعليه الفتوى. اهــ البحر الرائق ـ كتاب الطهارة.

(2) سنن الترمذي.

الشيخ عبد الرحمن الخرسه

هو الشيخ عبد الرحمن الخرسه من علماء سورية، مواليد دمشق 1971م.

نال إجازة اللغة العربية من جامعة دمشق. وتلقّى العلوم الشريعة على أكابر علماء الشام ومشايخها: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ تاج الدين الكتاني، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ بشير الباري، والشيخ إبراهيم الهندي، والشيخ هشام الصلاحي، وغيرهم…

حفظ القرآن الكريم وقرأ القراءات العشرة من طريق الشاطبية والدرّة على الشيخ محمد هيثم منيني، والشيخ أبو الحسن الكردي.

وعمل مدرّساً في جامعة الأزهر في البقاع اللبناني، وأسّس دور القرآن في عدّة مناطق في لبنان، بالإضافة إلى إدارة دار القرآن الكريم في إستانبول؛ حيث يقوم بتحفيظ القرآن الكريم وإلقاء الدروس العامّة والخاصّة.

ويقوم بالتدريس بطريقة الإجازة في دار الفقهاء تركيا، ويعمل في تحقيق كتب المذهب الحنفي.

من أعمال الشيخ العلمية: تحقيق كتاب تنوير الأبصار، وجامع البحار للإمام التمرتاشي.. حفظه الله تعالى ونفع به.