ما المقصود من حياة طيبة في الآية: من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة؟

                                             

 يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال

ما المقصود من حياة طيبة في الآية: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة}؟

الجواب

 

 

   بسم الله الرحمن الرحيم

الآية السابقة هي في سورة النحل، يقول الله تعالى فيها: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ ‌حَيَاةً ‌طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]
والحياة الطيبة كثرت أقوال المفسرين في بيانها، وهل هي في الدنيا أم في الآخرة: لكن لا يوجد ما يمنع من شمولها كل مناحي السعادة في الدنيا: من الصحة والرزق الحلال الطيب، والطمأنينة النفسية وراحة البال، والتوفيق إلى الطاعات، والقناعة، وغير ذلك من أسباب السعادة المعتبرة شرعاً، والسعادة والنعيم في الأخرة بمختلف صنوفه وأشكاله.
ورجح الإمام الطبري في تفسيره أن الحياة الطيبة هي القناعة؛ وذلك أن من قنَّعه الله بما قَسم له من رزق لم يُكثر للدنيا تعبه، ولم يُعظِم فيها نَصَبه ولم يتكدّر فيها عيشه باتباعه بغية ما فاته منها وحرصه على ما لعله لا يدركه فيها. ويؤيد رأيه هذا ما ورد عن المصطفى صلى الله عليه وسلم: « قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا، ‌وَقَنَّعَهُ ‌اللهُ بِمَا آتَاهُ » (1)
ونقل ابن كثير أن سيدنا علي بن أبي طالب، وعكرمة، ووهب بن منبه، فسروا الحياة الطيبة بالقناعة.
وفسر ابن عباس الحياة الطيبة، بالرزق الحلال الطيب، أو السعادة، أو العمل بالطاعة والانشراح بها، أو القناعة. وقال ابن كثير: الحياة الطيبة تشمل هذا كله.
وهذه الآية هي ‌‌أجمع آية للرجال والنساء في الترغيب بالعمل الصالح، وأداء الطاعات، فبعد أن رغب الله تعالى المؤمنين في الآية التي قبلها بالصبر على ما التزموه من شرائع الإسلام بقوله: ﴿وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 96]، رغّبهم هنا  بالإتيان بكل ما كان من شرائع الإسلام والإثابة عليه بالحياة الطيبة.
وأخيراً: الحياة الطيبة وعدٌ من الله تعالى لمن أدى ما افترض الله تعالى عليه، وأن إفادة العمل الصالح للحياة الطيبة مشروط‍ بالإيمان، وأن أحكام الإسلام يستوي فيها الذكور والنساء عدا ما خصصه الدين بأحد الصنفين. (2) والله تعالى أعلم
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


(1):صحيح مسلم (1054).
(2): ينظر: جامع البيان للطبري (17/291)؛ تفسير ابن كثير (4/601)؛ التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور (14/272).