ما أهم أيام الصيام خارج رمضان؟

 يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

ما أهم أيام الصيام خارج رمضان؟

الجواب

 الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين ، و بعد :

 الصيام من أعظم العبادات التي توصل صاحبها إلى التقوى، و من أهم الأيام التي يستحب لنا الصيام فيها غير تلك التي تجب علينا ، صيام يومي الاثنين و الخميس، و ثلاثة أيام من كل شهر، و صيام ستة أيام من شوال، و صيام يوم عرفة لغير الحاج،و صيام يوم عاشوراء ويوم آخر معه، و كذلك الصيام في شهر شعبان و يوم النصف منه و الأشهر الحرم، و غير ذلك من الأيام ، ما عدا تلك التي يحرم الصيام فيها،كما جاءت بذلك الأحاديث الشريفة، و الله تعالى أعلم.

البيان و التفصيل :

الصيام هو من أعظم العبادات التي توصل العبد إلى مرتبة التقوى كما قال الله تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة 183] ، و هو  يقوي علاقة المؤمن بربه، و يجعله -غالباً- في حالة الحضور و المراقبة لله تعالى، و غير ذلك من الثمرات و الغايات و الحكم العظيمة التي شُرع لأجلها.
واقتضت حكمة الله تعالى أن يوسع على عباده المؤمنين الراغبين في تحصيل المزيد من الأجر و الفضل، أو التكفير عن بعض المعاصي و المخالفات؛ بأن شرّع لهم صيام أيامٍ أُخَر ، غير تلك الأيام المعدودات التي فرضها عليهم في رمضان.

و سنذكر فيما يأتي هذه الأيام خارج رمضان بشيء من الاختصار مع الترتيب و التنسيق و الاستدلال :

أولاً – الصيام الواجب :
1- صيام القضاء (الأيام الفائتة) عن شهر رمضان: كما قال الله تعالى : ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾[البقرة 185]
2- صيام النذر: كمن نذر أن يصوم لله تعالى أياماً معينة عند تحقق أمرٍ ما فهذا من الواجبات
3- صيام الكفارات: التي يتعين فيها الصيام في بعض الحالات، كمن جامع امرأته في نهار رمضان و لم يستطع عتق رقبة و عنده قدرة على الصوم، و كفارة القتل الخطأ و الظهار، و غير ذلك

ثانياً – صيام التطوع أو النفل :
و لعل هذا النوع من الصيام هو المقصود من السؤال، و هذا الصوم يشمل الأيام و الحالات الآتية :
1-    صيام يومي الاثنين و الخميس : لما ورد فيهما من فضائل، فعن السيدة عائشة – رضي الله عنها -: «أَنَّ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم- كان يتحرَّى صيام يوم الاثنين والخميس» . وفي رواية: «كان يصومُ الاثنين والخميس» (١)

و عن أبي هريرة – رضي الله عنه -: أَنَّ رسولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم- قال: «تُعْرَض الأعمال على الله يوم الاثنين ويومَ الخميس، فأُحِبُّ أَن يُعْرَض عملي، وأنا صائم» (2).
و عن أَبي قتادة – رضي الله عنه: أنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – سُئِلَ عَنْ صَومِ يَوْمِ الإثْنَيْنِ، فَقَالَ: «ذَلِكَ يَومٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَومٌ بُعِثْتُ، أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ».(3) رواه مسلم.

2-    صيام ثلاثة أيام من  كل شهر : و هي الأيام البيض (13-14-15)

فعن أَبي هريرة – رضي الله عنه – قَالَ: أوْصاني خَلِيلي – صلى الله عليه وسلم – بِثَلاثٍ: صِيَامِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَي الضُّحَى، وَأنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أنَامَ. متفقٌ عَلَيْهِ (4).

3-    صيام ستة أيام من شوال : فعن أَبي أيوب الأنصاري – رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ».(5)

4-    الصوم في العشر الأوائل من ذي الحجة : فعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أيَّامٍ، العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هذِهِ الأَيَّام» يعني أيام العشر. قالوا: يَا رسولَ اللهِ، وَلَا الجِهَادُ في سَبيلِ اللهِ؟ قَالَ: «وَلَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَاّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيءٍ» رواه البخاري(6).

5-    صيام يوم عرفة لغير الحاج : فعن أَبي قتادة – رضي الله عنه – قَالَ: سُئِلَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن صَومِ يَوْمِ عَرَفَةَ، قَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالبَاقِيَةَ». رواه مسلم (7)

6-    صيام يوم عاشوراء و معه يوم قبله أو بعده : وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – صَامَ يَومَ عاشوراءَ وَأمَرَ بِصِيامِهِ. متفقٌ عَلَيْهِ(8) و في رواية لمسلم: «لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ».(9)

7-    الصوم في شهر شعبان و خاصة يوم النصف منه و كذلك الأشهر الحرم : فعن أَبي هريرة – رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم: «أفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ: شَهْرُ الله المُحَرَّمُ، وَأفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعدَ الفَرِيضَةِ: صَلَاةُ اللَّيْلِ». رواه مسلم(10)

وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: « لَمْ يكن النبي – صلى الله عليه وسلم – يَصُومُ مِنْ شَهْرٍ أكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ. وفي رواية: كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَاّ قَلِيلًا». متفقٌ عَلَيْهِ. (11)

8-    صيام داود عليه السلام لمن استطاع : عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «أحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى اللهِ صَلاةُ دَاوُدَ، وَأحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللهِ صِيَامُ دَاوُدَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَيَصُومُ يَومًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا». متفقٌ عَلَيْهِ(12)

9-    الصيام لمن عجز عن الزواج : عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود -رضي الله عنه- قَالَ: « قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه و سلم – : « يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ». متفق عليه (13)

10-  النفل المطلق في أي يوم من أيام العام ما عدا الأيام التي يحرم الصوم فيها: و هي يومي العيدين و أيام التشريق و يوم الشك لمن ليس له عادة، كمن أراد صيامه احتياطاً (14)
فهذه هي أيام الصيام خارج رمضان و الله أعلم.

و بناء على ما سبق :

أدعوك أخي السائل الكريم إلى المحافظة أولاً على أداء الصيام الواجب ثم بعد ذلك يستحب لك أن تتخذ لك وِرداً من أيام الصيام تواظب عليه كيومي الاثنين و الخميس و غير ذلك من أيام المناسبات الدينية، و تجنب تكليف نفسك من الصيام ما لم يفرضه الله عليك أو يصعب عليك الوفاء به كالنذور و غيرها، و الله أعلم ، و الحمد لله رب العالمين و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين

المصادر و المراجع :

1- سنن الترمذي : رقم (745) ، و سنن النسائي : رقم (203) و سنن ابن ماجة رقم : (1739)
2- سنن الترمذي : رقم (747)
3- صحيح مسلم : رقم (1162)
4- صحيح البخاري : رقم (1981)، و صحيح مسلم : رقم (721).
5- صحيح مسلم : رقم (1164)
6- صحيح البخاري : رقم (969)
7- صحيح مسلم : رقم (197)
8- صحيح البخاري : رقم (2004)، و صحيح مسلم : رقم (1130)
9- صحيح مسلم : رقم (1130)
10-صحيح مسلم : رقم (1163)
11- صحيح البخاري : رقم (1970)، و صحيح مسلم : رقم (1156)
12- صحيح البخاري : رقم (3420)، و صحيح مسلم : رقم (1195)
13- صحيح البخاري : رقم (5066)، و صحيح مسلم : رقم (1400)
14 – كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار شرح متن أبي شجاع، للإمام تقي الدين الحصني الشافعي صفحة: (252)، طبعة دار المنهاج.

[الشيخ] عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.

عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ