ماهي الصفات التي يجب أن أبحث عنها في مدرس العلوم الإسلامية؟

 يجيب عن السؤال الشيخ الدكتور محمد أبو بكر باذيب

السؤال

ماهي الصفات التي يجب أن أبحث عنها في مدرس العلوم الإسلامية؟

الجواب

بسم الله والحمدلله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد؛ فإن وظيفة المعلم من أشرف الوظائف، وأسمى المناصب، وهي وظيفة الأنبياء والمرسلين، قال النبي صلى الله عليه وسلم، فيما رواه ابن ماجه والدرامي: “إنما بعثت معلماً”(1). وكل مدرس وأستاذ ومعلم له نصيبه من ذلك الشرف، وكل بقدر نيته وإخلاصه، لكن مدرس العلوم الإسلامية لاشك أن له أجراً ومكانة خاصة، لتعلقه بأعظم العلوم وأشرفها، فعلوم الإسلام ينبني عليها معرفة الناس بدينهم وواجباتهم والمحرمات عليهم، وغير ذلك مما تلزم معرفته كل مسلم مكلف.

ونظرا إلى حساسية ذلك المنصب الشريف، فإنه يجب أن يتطلب في القائم به توافر صفات ومزايا يتميز بها عن غيره، أو يكون ملتزماً بتطبيقها أكثر من سواه.

فمن ذلك:

– أن يتصف بحسن سلوكه: وحسن السلوك تعبير واسع جداً يشمل كل الصفات الحسنة والابتعاد عن ضدها من الصفات السيئة، ولا يعني فقط التظاهر بذلك، بل يجب أن يحمل نفسه عليه حملاً شديداً، لأنه في محل القدوة، وينظر إليه نظر المتصف بحمل أمانة الدين، والوراثة النبوية.

– أن يكون متقناً للعلوم والفنون الإسلامية ومتعلقاتها، ولا سيما الفنون التي يقصد لتدريسها، وأن يطالع للدرس قبل الشروع فيه، ولا يكتفي بما علق في ذاكرته كما يفعل بعض الناس اليوم. وقد كان أهل العلم والورع يراجعون الدرس قبل إلقائه ولو كان ذلك الدرس مكرراً عشرات المرات، فالإنسان لا يأمن أن يخونه ذهنه، أو ينسى، مهما كان ذكياً وفاهماً.

– وأن يكون ذا دربة وخبرة في أساليب التربية والتعليم، بأن يدرسها ويتلقاها عن أهلها، أو يكون قد تدرج في ذلك، فاكتسب خبرة تؤهله أن يستمر في ذلك المسار، لأن مهارات التدريس تطورت كثيراً، وأصبح لها نظام ونظريات تدرس، ولا يقل إنه ليس بحاجة إلى ذلك، فإن الأزمنة تختلف ولابد من مواكبتها.

– أن يعتني بمظهره وملبسه، ويدع البذاذة، فليس ذلك من التواضع، نعم البذاذة من الإيمان كما قيل في بعض الآثار، ولكنها في مقابل السرف والخيلاء، فهي بمعنى التواضع وعدم الفخر والخيلاء، لا أن يؤدي به الأمر إلى المشي والجلوس بين الناس بملابس متسخة ونحو ذلك.

– أن يكون حسن العلاقة بتلاميذه وطلابه، يحبب العلم إليهم، يراعي بطئ الفهم، ويرفق بالجاهل، ولا يعنف ولا يشتد إلا حدود ضيقة.

– أن يشجع الطلاب على البحث والنظر في المراجع والمصادر، بتوجيههم إليها، وذكر محاسن الكتب وطريقة المؤلفين وغير ذلك مما يتعلق بمناهج البحث.

– أن يظهر الحرص على الوقت، ويلتزم بالوقت المحدد لدرسه، قدر الإمكان، فلا يتأخر عنه ولا يزيد عليه.

– أن يراعي نفوس الطلاب، فإن النفوس تمل وتسأم، فلا يكثر عليهم إذا شعر بتعبهم أو عدم استيعابهم، خصوصاً إذا طال وقت الدرس.

– أن يعرض مسائل الخلاف بين المذاهب والأقوال مع بيان الصحيح منها ورد الباطل بطريقة محببة إلى النفوس، مع مزيد شرح وتفصيل، ولا يكتفي بالتحذير من الأقوال الفاسدة دون بيان وجه فسادها، لأن ذلك قد يمثل اشتباها والتباسا لدى بعض الطلاب.

وفوق هذا كله، أن يقصد بعمله وتدريس وجه الله، فالإخلاص في التدريس له أثر عظيم على الأستاذ والطالب، وكم من طالب لم يفتح الله عليه بعد مدة وجيزة، ببركة إخلاص شيخه وإخلاصه هو في الطلب، ولا يعني ذلك أن لا يواصل الطلب، بل يدفعه إلى تطلب المزيد.

وبعد، فهذه أهم الصفات التي ينبغي للأستاذ ان يتصف بها، خصوصا في مجال تدريس العلوم الشرعية، لأنه قدوة لغيره، وفوق هذا لأنه يحمل أمانة التبليغ لهذا الدين العظيم، فينبغي أن يكون على مستوى عال من المسئولية والتمكن، والله الموفق.

الهوامش:

1- البخاري, صحيح البخاؤي، حديث رقم (5971)، مسلم، صحيح مسلم، حديث رقم (2548).
2- مسلم، صحيح مسلم: 2/1060، حديث رقم 1437.

وينظر للمزيد: الكتب المؤلفة في حقوق الزوجة، وفقه الأسرة.

[الشيخ] الدكتور محمد أبو بكر باذيب

 

هو الشيخ الدكتور محمد أبو بكر باذيب عالم إسلامي من علماء اليمن، مواليد شبام – حضرموت 1976م

نال الشيخ الإجازة في الشريعة من جامعة الأحقاف، والماجستير من جامعة بيروت الإسلامية، والدكتوراه في أصول الدين من جامعة عليكرة الإسلامية .(AMU)

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ الحبيب أحمد مشهور الحداد، والشيخ فضل بافضل، والحبيب سالم الشاطري، والحبيب علي مشهور بن حفيظ، وغيرهم…

كان مديرَ المطبوعات في دار الفقيه، ونائبَ مدير العلاقات الثقافية بجامعة الأحقاف سابقاً، ومساعدَ شؤون الموظفين في شركة عطية للحديد سابقاً، وباحثاً في مركز السنة التابع لمؤسسة دلة البرك، وباحثاً في مؤسسة الفرقان فرع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة

وهو الآن باحث في مؤسسة الفرقان فرع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويقوم بالتدريس التقليدي بطريقة الإجازة في دار الفقهاء تركيا، ويشرف على القسم العربي بمعهد نور الهدى العالمي (SeekersGuidance)، وعضو أمناء دار المخطوطات بإستانبول

من مؤلفاته: جهود فقهاء حضرموت في خدمة المذهب الشافعي، وإسهامات علماء حضرموت في نشر الإسلام وعلومه في الهند، وحدائق النعيم في الفقه الشافعي،  بالإضافة إلى تحقيق عدد من الكتب الفقهية والتاريخية وفي فن التراجم والأثبات (الأسانيد)