هل كان الإمام الغزالي ضد علم الكلام؟

 يجيب عن السؤال الشيخ الدكتور محمد أبو بكر باذيب

السؤال

هل يجوز للحامل أن تفطر في رمضان؟ وماذا عليها لو أفطرت؟

الجواب

بسم الله والحمدلله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد؛ فإن الإمام الكبير، حجة الإسلام، أبا حامد الغزالي (ت 505هـ) رحمه الله ورضي عنه، ممن أسهم في تحرير جملة من العلوم الإسلامية، كالفقه والأصول، وعلم العقائد المعبَّر عنه بعلم الكلام، وغيرها من الفلسفة والمنطق. ولم يكن ضد تلك العلوم، بل كان مؤلفاً فيها ومحققاً وعالما بدقائقها.

وتفصيل ذلك، بأن نقول: لقد كان الإمام الغزالي من أئمة الإسلام العظام الذين انتشر صيتهم، وذاعت علومهم ومعارفهم، وطبقت شهرتهم الآفاق. ولن أطيل في سرد سيرته وترجمته وفضائله، فلذلك كتب ومؤلفات مستقلة وكتب التراجم وطبقات الشافعية طافحة بذلك.

وقد بلغت مصنفاته في علم العقائد أكثر من عشرة مؤلفات مطبوعة عدا ما لم يطبع، أو ما جهل وفقد. من أهم تلك المؤلفات:

1.   قواعد العقائد.

2.   الاقتصاد في الاعتقاد

3.   فضائح الباطنية.

4.   المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى.

5.   إلجام العوام عن علم الكلام

6.   الرسالة القدسية.

7.   القسطاس المستقيم.

وغيرها. وكلها مؤلفات مستقلة، عد الأول (قواعد العقائد) فهو مأخوذ من كتابه العظيم المبارك (إحياء علوم الدين)، وقد شرحه العلامة أحمد زروق وغيره.

زخرت هذه المؤلفات بتحقيقات رائعة في علم العقيدة والكلام، وبرع الإمام الغزالي في عرض المادة العلمية الكلامية كعادته في مؤلفاته، ولهذا فكل من جاء بعده كان عالة عليه وعلى مؤلفاته، لحسن تقسيمها وسبرها وترتيبها.

إذا علمنا هذا، وعرفنا بلاء الإمام الغزالي في علم العقائد، فكيف يقال بعد ذلك إنه كان ضد علم الكلام؟ نعم، هناك عبارات له في التحذير والتنفير من علم الكلام لكن يجب أن تفهم في سياقها ومناسبتها، وذلك أنه صرح في أحد كتبه بتحريم علم الكلام، ومرة يقول بوجوبه، ومرة أنه فرض كفاية، ومرة أنه فرض عين. فأما عبارته في تحريمه فهي في حق العوام، لشدة ضرره عليهم، وأما الوجوب العيني (فرض العين) فهو في حق من تمكنت منه البدعة ولم يستطع إزالتها إلا بممارسة هذا العلم، وهو واجب على الكفاية على أهل العلم وطلبته لدفع شر المبتدعة ولحراسة العقيدة الإسلامية من الفكر الدخيل، وهو فيما عدا ذلك مندوب أو مباح.

هذا خلاصة ما يقال في جواب هذا السؤال، ومن المهم على الباحثين والراغبين في الفائدة أن يسعوا للاطلاع على سير العلماء، ولا يستمعوا للشبهات التي تلقى عليهم في التزهيد في أي علم من العلوم الإسلامية، وأن يتحروا الصواب في شأنهم كله، والله الموفق والهادي سواء السبيل(1).

الهوامش:

1- الديبو، إبراهيم أحمد، موقف الإمام الغزالي من علم الكلام وأدلة المتكلمين، بحث منشور في مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، مج27، العدد3، سنة 2011: ص 465-483.

2- فودة، سعيد، موقف الإمام الغزالي من علم الكلام، كتاب مطبوع.

[الشيخ] الدكتور محمد أبو بكر باذيب

هو الشيخ الدكتور محمد أبو بكر باذيب عالم إسلامي من علماء اليمن، مواليد شبام – حضرموت 1976م

نال الشيخ الإجازة في الشريعة من جامعة الأحقاف، والماجستير من جامعة بيروت الإسلامية، والدكتوراه في أصول الدين من جامعة عليكرة الإسلامية .(AMU)

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ الحبيب أحمد مشهور الحداد، والشيخ فضل بافضل، والحبيب سالم الشاطري، والحبيب علي مشهور بن حفيظ، وغيرهم…

كان مديرَ المطبوعات في دار الفقيه، ونائبَ مدير العلاقات الثقافية بجامعة الأحقاف سابقاً، ومساعدَ شؤون الموظفين في شركة عطية للحديد سابقاً، وباحثاً في مركز السنة التابع لمؤسسة دلة البرك، وباحثاً في مؤسسة الفرقان فرع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة

وهو الآن باحث في مؤسسة الفرقان فرع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويقوم بالتدريس التقليدي بطريقة الإجازة في دار الفقهاء تركيا، ويشرف على القسم العربي بمعهد نور الهدى العالمي (SeekersGuidance)، وعضو أمناء دار المخطوطات بإستانبول

من مؤلفاته: جهود فقهاء حضرموت في خدمة المذهب الشافعي، وإسهامات علماء حضرموت في نشر الإسلام وعلومه في الهند، وحدائق النعيم في الفقه الشافعي،  بالإضافة إلى تحقيق عدد من الكتب الفقهية والتاريخية وفي فن التراجم والأثبات (الأسانيد)