سلسلة الأربعون الرمضانيَّة | المقالة الثالثة والعشرون | د. محمود مصري



                • الباب الخامس: العبادة في رمضان

 

        •  2- صلاة التراويح:

        • عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله : «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي المَسْجِدِ، فَصَلَّى بِصَلاَتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ القَابِلَةِ، فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ، وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ. وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ» متفق عليه. [1]

هذا الحديث الشريف يظهر لنا أهمية صلاة التراويح في رمضان، واحتفاء رسول الله ﷺ وصحابته الكرام بها، كما أنه يظهِر لنا من جهة أخرى عظيم رحمة رسول الله ﷺ وشفقته بالأمّة. 

“التراويح: جمع ترويحة، وهي المرّة الواحدة من الراحة. والمراد من التراويح هنا: صلاة النفل التي تُصَلَّى جماعة في ليالي رمضان. وسُمِّيَت بذلك لأنهم كانوا يستريحون بين كلّ تسليمَتين، وهي أيضًا قيام رمضان؛ لأنه يحصل بها القيام في رمضان؛ تيسيرًا على الناس بأن يؤدَّى القيام في رمضان أوّل الليل.” [2]

وقوله : «قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ»، أي من اجتماعكم وحرصكم على الجماعة. وقوله : «إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ»، أي يُفرض عليكم قيام الليل، وهذا ظاهر في أن عدم خروجه إليهم كان لهذه الخشية، لا لكون المسجد امتلأ، وضاق عن المصلِّين. وفي رواية أبي سلمة: «اكلفوا من العمل ما تُطيقون».

وهكذا فقد صرَّح رسول الله أنه امتنع من الخروج إليهم خشية أن تفرَض عليهم، فجمعهم سيّدنا عمر عليها عند زوال هذه الخشية؛ إذ لا شرع بعد رسول الله ، فيكون فعلُ سيّدنا عمر إحياءً لسنّته ؛ ليس إلا. 

– قال ابن عبد البرّ رحمه الله: “وَفِيهِ أَنَّ قِيَامَ رَمَضَانَ”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] البخاري في التهجُّد (بَابُ تَحْرِيضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَلاَةِ اللَّيْلِ وَالنَّوَافِلِ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ) 2/ 50، ومسلم في صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا (بَابُ التَّرْغِيبِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ، وَهُوَ التَّرَاوِيحُ) 1/ 524.

[2] إعلام الأنام لنور الدين عتر 2/ 79.