سلسلة أحكام الصيام وزكاة الفطر | المقالة الأولى | حكم الصيام وسنة السحور | د. خالد الخرسة

 

      •   حكم الصيام وسنة السحور

 

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد نبي الرحمة الهادي إلى الصراط المستقيم، والدال للعباد إلى الحياة الطيبة، والمعيشة السعيدة، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .

أما بعد: أيها الإخوة والأخوات:

 إن شهر رمضان من الأشهر التي لها عند المسلمين مكانة عظيمة ترتبط بها الأرواح والأبدان، وذلك لما يجد المؤمنون فيه من بهجة وفرحة، وانشراح صدر واطمئنان يغمر قلوبهم، وحب لفعل الخير، وهمة ونشاط في الأبدان لفعل الطاعات والقربات.

شهر رمضان شهر رقة القلوب وسكينة الأفئدة، شهر التعاون على البر والتقوى.

وفوائده كثيرة يحس بها الناس مسلمهم وكافرهم، ويعرفها كل مؤمن على حسب صلته مع الله.

 

  • والصيام ركن من أركان الإسلام.

قال رسول الله «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان» رواه البخاري ومسلم.

هذه الأركان التي تدخل الأنوار إلى القلوب والجوارح، فتنقلب إلى أعضاء منورة بنور الله ليصير صاحبها ولياً من أولياء الله، يتكفل الله بحمايته ورعايته ووقايته.

رمضان أيام معدودات كما ذكر ربنا في القرآن الكريم في سورة البقرة فقال سبحانه:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ۝ أيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [سورة البقرة 183 – 184].

 

  • الصيام فرض على كل مسلم بالغ عاقل

تعريفه: الإمساك عن الأكل والشرب والجماع من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس.

هذه العبادة العظيمة لها أحكامها الشرعية التي تنقل المسلم إلى إنسان ملئت روحه بالهمة والعطاء.

 وقبل أن نبدأ بتفصيل أحكامها سنبدأ بذكر سنتين هامتين تكتنفان هذه الفريضة قبل البدء بها وبعد الانتهاء منها، فقد اعتدنا أن نرى سيدنا محمد يدلنا على أبواب الخير والفضائل، هاتان السنتان هما: السحور والإفطار.

      • وسنبدأ أولاً بذكر السحور وأحكامه؛

فالسحور: هو ما يؤكل وقت السَّحر، والسحر لغة: هو الوقت قبيل الصبح

قال العلامة مُلّا علي القاري _ رحمه الله سبحانه _ في مرقاة المفاتيح كتاب الصيام:

(وعند البعض: وقت السحور يدخل بنصف الليل)

وقد كان السحور تخفيفاً من الله ورفعاً للحرج عن المسلمين، فقد كان المسلمون في أول افتراض الصيام إذا أفطروا يأكلون ويشربون ما لم يناموا، فإذا ناموا حُرِّمَ عليهم الطعام والشراب إلى غروب الشمس من اليوم الآتي.

وفي أحد الأيام كان صحابيٌّ اسمه صرمة بن قيس الأنصاري صائماً فلما حضر الإفطار أتى امرأته، فقال لها: أعندك طعام قالت: لا، ولكن أَنطَلِقُ فأَطلُبُ لك.

وكان يومه يعمل في أرضه فغلبته عيناه، فجاءته امرأته فلما رأته قالت: خيبة لك، فلما انتصف النهار غشي عليه، فذكر ذلك للنبي فنزلت هذه الآية:

﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة:187].

أي: حتى يتبين لكم بياض النهار من سواد الليل.

 

          وفقنا الله وإياكم إلى صيام مقبول وذنب مغفور..