هل يفسد الصوم بمشاهدة الأفلام الإباحية؟

يجيب عن السؤال الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب

السؤال

هل يفسد الصوم بمشاهدة الأفلام الإباحية؟

الجواب

باسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد؛

      فإن صوم رمضان فريضة، يجب الاعتناء بأدائها بتمامها، بإكمال فروضها، والاعتناء بسننها وآدابها، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة: 183].

وعن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ: شهادةِ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ مُحمَّدًا رسولُ اللهِ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وصَومِ رمضانَ، وحَجِّ البَيتِ» [متفق عليه] [1].

      وإن مما يجب على المسلم الابتعاد عنه، مشاهدة الأمور المحرمة، والصور الخليعة الفاضحة، والقرآن الكريم والسنة المشرفة طافحان بالنصوص الآمرة بغض البصر، قال تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون [النور: 30].

      وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يُفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد» [رواه مسلم] [2].

      وعنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الدنيا حُلوة خَضِرة، وإن الله مُستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتَّقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء» [رواه مسلم] [3].

والسائل يسأل عن مشاهدة الأفلام الإباحية،

      ومعناها: مشاهدة الصور الحية لأناس يرتكبون الفواحش والعياذ بالله، فأي دين وأي حياء يبقى عند من يبيح لنفسه النظر الى تلك المناظر القبيحة الشنيعة، ويطلق العنان لنظره أن يرى تلك المشاهد الفاضحة الشنيعة التي تميت القلب، وتدمّر خوف الله والدار الآخرة من قلب المسلم.

      أخي المسلم، أختي المسلمة، إن الإباحية مصطلح مضاد لفطرة الله التي فطر الناس عليها، ومضاد لشرائع الله تعالى التي أرسل بها رسله، الإباحية هي الحياة البهيمية التي تقدس الشهوة وتعبد الجنس واللذة لا غير. وهل خلق الإنسان لهذه الأمور أم أنها ركبت فيه امتحاناً له من الله، ليرى فعله في هذه الدنيا؟ قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُوْن [الذاريات: 56].

 وخلاصة القول:

      إن النظر إلى الأفلام الإباحية حرام مطلقاً، في أثناء الصوم وفي غير الصوم، بل مشاهدتها في شهر رمضان المعظم فيها إثم مضاعف، لاشتمالها على انتهاك حرمة الشهر الفضيل، وهي بلا شك تحرم فاعلها أجر الصوم وثوابه، ويكون الصائم صائماً صورة فقط بلا روح ولا جوهر، وهذا مصداق حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ» [رواه أحمد] [4].

فنسأل الله تعالى أن يقينا شر نفوسنا، وشر الهوى، وشر الدنيا الدنيئة، وأن يرزقنا التوبة والإنابة، والصبر على طاعته، وعلى البعد عما يغضبه تعالى. والله الموفق.

تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب، وراجعها الشيخ د. محمد فايز عوض.

د.محمد أبو بكر باذيب عالم إسلامي من علماء اليمن، نال الشيخ الإجازة في الشريعة من جامعة الأحقاف، والماجستير من جامعة بيروت الإسلامية، والدكتوراه في أصول الدين من جامعة عليكرة الإسلامية (AMU). تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ الحبيب أحمد مشهور الحداد، والشيخ فضل بافضل، والحبيب سالم الشاطري، والحبيب علي مشهور بن حفيظ، وغيرهم…
يشرف على القسم العربي سيكرز عربية للعلوم الشرعية (seekersguidance)، وعضو أمناء دار المخطوطات بإستانبول.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  صحيح البخاري (8). صحيح مسلم (16).
[2] صحيح مسلم (338).
[3] صحيح مسلم (2742).
[4] مسند الإمام أحمد (8693).