ما هي الفدية للعاجز عن الصيام، وما مقدارها؟

يجيب عن السؤال الشيخ الدكتور باسم حسين عيتانيي  

السؤال

ما هي الفدية للعاجز عن الصيام، وما مقدارها؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛

أخي السائل المحترم؛

الفدية:

هي قيمة مالية شرعها الله لمن هو عاجز مدى حياته عن الصيام في شهر رمضان بدلاً عن الصوم، يدفعها الموسر وجوباً للفقير.

مثال العاجز مدى الحياة عن الصوم: كالرجل المسن الذي فنيت قوته فهو يعجز عن أداء فرض الصوم، ولا يرجى له عود القوة ويكون مآله الموت بسبب الهرم، أو المريض الذي عنده مرض مُزْمِن مستمر مدى حياته ولا يرجى شفاؤه، كمن عنده فشل كلوي، أو مريض القلب يأخذ دواء كل أربع أو ست ساعات ضرورة، ويتحقق معرفة العجز المستمر عن الصيام من خلال الكشف الطبي الموثوق به في زماننا.

دليل وجوب الفدية :

قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٨٤]

 وقد فسرها ابن عباس – رضي الله عنهما –: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ ، قال: (يطيقونه يكلفونه فدية طعام مسكين واحد)، ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ (فزاد مسكينا آخر ليست بمنسوخة)،  ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ قال: (فلا يُرخَّصُ في هذا إلا للكبيرِ الذي لا يُطيق الصيام أو مريضٍ يَعلمُ أنه لا يُشفى). [سنن الدارقطني]

مقدار الفدية:

هو مقدار زكاة الفطر. وهو أن يطعم عن كل يوم مسكيناً مقدار ما يطعم في صدقة الفطر، فإذا كان الشهر تسعة وعشرين، يطعم تسعة وعشرين مسكيناً، وإذا كان الشهر ثلاثين، يطعم ثلاثين مسكيناً. [ينظر: بدائع الصنائع]

ويُخير الذي يدفع الفدية بين:

1- أن يُطعِم المسكين أكلتين مشبعتين على وجه الإباحة مثل العشاء والسحور أو الغداء والعشاء، عن كل يوم يفطره.

2- أن يسلم أي: يُمَلِّك المسكين مقدار زكاة الفطرة إما صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو نصف صاع من حنطة، وذلك عن كل يوم يفطره. ومقدار الصاع: 3.25 كيلو غرام تقريباً، ونصف الصاع: 1,625كيلو غرام تقريباً. وهذا أسهل للمزارعين في القرى.

3- أن يسلم أي: يُملِّك المسكين قيمة زكاة الفطرة كالعملة الورقية عن كل يوم يفطره، فيقدر نصف صاع الحنطة بعملة بلده مثلاً. وفي زماننا هذا أيسر، وأفضل للفقير عموماً لأنه بحاجة إلى العملة النقدية حتى يتصرف في سد حاجياته.

وهل يجوز دفع الفدية في أول شهر رمضان؟

نعم ، يجوز دفع الفدية في أول شهر رمضان كما يجوز دفعها في آخره، فلو أخرها بعد رمضان تبقى في ذمته حتى يدفعها للفقير.

تنبيه:

إن لم يقدر العاجز على دفع الفدية لعسرته، فإنه يستغفر الله سبحانه تعالى ويطلب منه العفو عن تقصيره في حقه. [ ينظر: مراقي الفلاح]

 أخي السائل – أكرمك الله تعالى -؛

من اللفتات المهمة في التشريع الإسلامي الرائع؛ أن المسلم الذي صام أعواماً من رمضان في حياته، يأتيه عارض لا يزول، وهو العجز عن الصيام لرمضان مدى حياته الباقية، فهو يرى الناس من أحبابه وأقربائه وغيرهم صائمين في رمضان، فيرغب بالصوم والمشاركة معهم، ولكن لا يستطيع، فيتحسر ويتألم نفسياً ويصعب عليه هذا الأمر، فيأتي التشريع بالترخص له بالأفطار، وإبدال عبادة الصوم بعبادة الإطعام التي سميت بالفدية بالنص القرآني: (فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) [البقرة: 184]  لأنها عوض عن الصيام، جبراً لخاطره، فتتركب الصورة بأن يطعم جوفاً محتاجاً مسكيناً فكأنه يرويه ويشبعه، وهذا الإحساس نفسه يشعر به الصائم، فيكون ممتنعاً  عن الطعام والشراب فوقت الإفطار يرتوي ويشبع، فهذا الشعور ينقله إلى المسكين فكأن العاجز صار بحكم الصائمين.

والله الهادي إلى الصواب.

– سنن الدارقطني، علي بن عمر الدارقطني، تحقيق: شعيب الارناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت – لبنان، ط1،(1424هـ – 2004م) 195/3، ر:2378
– بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، أبو بكر بن مسعود الكاساني، ط1، مصر، (1327- 1328 هـ) دارالكتب العلمية – مصورة – بيروت، لبنان. 97/2
 – مراقي الفلاح شرح متن نور الإيضاح، حسن بن عمار الشرنبلالي، المكتبة العصرية، ط1،(1425هـ – 2005م) ص260

[الشيخ] الدكتور باسم عيتاني

الشيخ الدكتور باسم عيتاني هو الشيخ الدكتور باسم حسين عيتاني من مواليد بيروت – لبنان عام 1965    

حاصل على الدكتوراه في الدراسات الإسلامية عام 2005

من مشايخه: الشيخ محمد طه سكر والشيخ أديب الكلاس والشيخ ملا عبد العليم الزنكي والشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ عبد الرزاق الحلبي والشيخ د. مصطفى ديب البغا والشيخ د. وهبي الزحيلي ود. محمد الزحيلي وغيرهم رحمهم الله جميعا.

 لديه العديد من الخبرات والتخصصات العلمية و الإدارية، وقد شغل مناصب علمية وإدارية في العديد من الجهات والمؤسسات العلمية والثقافية والإسلامية الحكومية وغير الحكومية في لبنان وخارجه من ذلك

 SeekersGuidance – عضو في اللجنة العلمية في مؤسسة

 التعليم المفتوح عبر الإنترنت حتى الآن

– عميد كلية الدعوة الجامعية للدراسات الإسلامية – الدراسات العليا عام 2021-2020

مدير دار إقرأ للعلوم الإسلامية 1998- 2018

مدرس للعديد من المواد و المناهج العلمية في الفقه و الأصول و العقيدة و التفسير .. ومناقش و مشرف على العديد من الرسائل

والاطاريح العلمية في الماجستير والدكتوراه في العديد من الجامعات و الكليات في لبنان له مؤلفات وأبحاث  في مجال العلوم الإسلامية

أقوال الإمام زفر المعتمدة في المذهب الحنفي – الاجتهاد الجماعي سمو فكري في القرن 21 – العرف وأثره في الفقه الإسلامي 

المشاركة في العديد من المؤتمرات والندوات العلمية داخل لبنان وخارجه