هل يفسد الصوم بابتلاع الماء خطأ أثناء الوضوء أو غيره؟

الإجابة من الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب

السؤال

هل يفسد الصوم بابتلاع الماء خطأ أثناء الوضوء أو غيره؟

الجواب

باسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:

      فإن صوم رمضان فريضة، يجب الاعتناء بأدائها بتمامها، بإكمال فروضها، والاعتناء بسننها وآدابها، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة: 183].

      وعن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «بُنِيَ الإسلامُ على خَمْسٍ: شَهادةِ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ مُحمَّدًا رسولُ اللهِ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وصَومِ رمضانَ، وحَجِّ البَيتِ»، [متفق عليه] [1].

      وإن من واجبات الصائم في شهر رمضان التحرز عن وصول شيء إلى جوفه، من طعام أو شراب، لعظم خطر ذلك على عبادة المسلم، لأنها فريضة، وقد صح عن لقيط بن صَبرة، رضي الله عنه، أنه قال: قلتُ: يا رسول الله، أخبرني عن الوضوء؟ قال: «أَسْبِغِ الوضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابَِعِ، وَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمَاً». قال الإمام النووي: “حديث لقيط صحيحٌ رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وغيرهم” [النووي، المجموع] [2]، انتهى. فهذا إرشاد نبوي عظيم في هذا الباب.

  • وبناء على هذا الحديث الشريف، فإن ابتلاع ماء الوضوء أثناء الصوم، أي سبقه إلى الحلق عند الوضوء بدون تعمد أو قصد، فيه حالتان، على التفصيل التالي:

الحالة الأولى: إذا كان الابتلاع بسبب مبالغة الصائم في المضمضة أو الاستنشاق، فالمذهبُ: أنه إن بالغ أفطر، لارتكابه المنهي. وصحح الإمام الرافعي في (المحرر): “أنه إذا بالغ أفطر قطعاً”. وقال الماوردي: “البطلان هو قول أكثر الفقهاء” [ابن الملقن، عجالة المحتاج] [3].

الحالة الثانية: إذا كان سبق الماء إلى جوفه من غير مبالغة في المضمضة أو الاستنشاق، فالمذهب أنه لا يفطر، لوصوله بغير اختياره. قال الإمام الرافعي: “إذا لم يبالغ فلا يفطر قطعاً”.

هذا، وعلى الصائم أن يترفق في وضوئه أثناء صومه، وليؤد عبادته بتؤدة وتأن ولا يستعجل فيها، والله الموفق والهادي سواء السبيل.

 

تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب، وراجعها الشيخ د. محمد فايز عوض.


محمد أبو بكر باذيب عالم إسلامي من علماء اليمن، نال الشيخ الإجازة في الشريعة من جامعة الأحقاف، والماجستير من جامعة بيروت الإسلامية، والدكتوراه في أصول الدين من جامعة عليكرة الإسلامية (AMU). تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ الحبيب أحمد مشهور الحداد، والشيخ فضل بافضل، والحبيب سالم الشاطري، والحبيب علي مشهور بن حفيظ، وغيرهم…
يشرف على القسم العربي في سيكرز عربية للعلوم الشرعية (seekersguidance)، وعضو أمناء دار المخطوطات بإستانبول.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] صحيح البخاري (رقم 8). صحيح مسلم (رقم 16).
[2] النووي، المجموع شرح المهذب (6/ 312).
[3] ابن الملقن، عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (2/ 528).