ما حكم من جامع زوجته عامدا في نهار رمضان؟

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛

أخي السائل؛

من جامع زوجته نهاراً عامداً في نهار رمضان فقد أفطر، ويعتبر في حكم الشريعة آثماً وعليه التوبة، ووجب عليه الإمساك، وعليه قضاء هذا اليوم، ويزيد على ذلك الكفارة وهي في زماننا أن يصوم شهرين متتابعين فإن عجز فإنه يطعم ستين مسكيناً.

شهر رمضان له حرمة عظمى وهو من الشعائر العالمية للمسلمين، فخرقه بالإفساد المتعمد مثل الجماع هو انتهاك لحرمة هذا الشهر، فإنه يعد كبيرة من الكبائر باتفاق أهل العلم

ويترتب على ذلك:

1-التوبة: أن يتوب الفاعل توبة صادقة بأن يندم على فعله، ويعزم على عدم العود إليه، ومن تاب تاب الله عليه، وورد في الحديث الشريف :  “التائبُ من الذنبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ”  [رواه ابن ماجه]

2- الإمساك عن يومه: أن يمسك وجوباً عن المفطرات عن بقية يومه الذي أفسده بأن لا يأكل ولايشرب ولايجامع أي: يعتبر نفسه بحكم الصائمين، فقد يظن أنه يجوز له أن يأكل ويشرب لفساد صومه، ولكن الأمر على خلاف ذلك، لأن الإمساك هو صورة من صور تعظيم شعيرة الصوم، فهو متشبه بالصائمين صورة، وفي الحقيقة صيامه غير صحيح، فالإمساك حماية لحرمة هذا الشهر العظيم.

3- القضاء:  أن يقضي هذا اليوم الذي أفسده كبقية العبادات البدنية مثل الصلاة والحج ، فمن أفسد فرض صلاته وجب عليه أن يؤديه ومن أفسد حجه وجب عليه قضاؤه، وقد ثبت أن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال للمُجامِع زوجته: “وصُم يوماً مكانه” [رواه ابن ماجه]

4- الكفارة: أن يُكفّر عما فعل من هذا الانتهاك لهذا الشهر، فالكفارة عقوبة شرعت لأجل الزجر، فينزجر عن إعادة هذا الأمر مرة ثانية، ويتضمن في الكفارة معنى العبادة لأن فيها صياماً وفيها إطعاماً، وهي تدريب لمن يُكفّر على الصبر على العبادة، أي: بما أن شهوته غلبته فوقع على امرأته في شهر رمضان فانتهكه فجاء التشريع بجرعة عالية في العبادة وهي صيام ستين يوماً حتى يتغلب على شهوته ويعتاد الصبر على العبادة .
فالكفارة تكون على الترتيب:  يجب إعتاق رقبة، فإن عجز فصيام شهرين متتابعين، فإن عجز فإطعام ستين مسكيناً. ففي زماننا يسقط عتق الرقبة لأنه لايوجد نظام رق اي عبيد.

وقد ثبتت الكفارة بالسنة النبوية: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رجلاً وقع بامرأته في رمضان، فاستفتى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: “هل تجد رقبة؟” قال: لا. قال: “هل تستطيع صيام شهرين؟” قال: لا. قال: “فأطعم ستين مسكيناً” [رواه البخاري]

والرجل والمرأة سواء في الحكم إلا إذا أرغمت المرأة فيفسد صومها وعليها القضاء دون الكفارة، لما ورد في الحديث النبوي الشريف: ” إنما النساء شقائق الرجال ” [رواه أبوداود] أي:  النساء مساويات للرجال في الأحكام الشرعية إلا فيما اختص الشرع به المرأة، فهو للمرأة أو فيما اختص به الرجل فهو للرجل. [ينظر: حاشية ابن عابدين]
أخي السائل؛
التشريع الإسلامي فتح المجال للزوج والزوجة المضاجعة والمجامعة في ليل رمضان، حتى لا يكون هناك مشقة عليهما ولا حرج، فالمطلوب وجوباً من كل واحد منهما  أن يبتعدا عما يفسد في نهار رمضان، قال الله تعالى: ﴿ أحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ) [البقرة:187] والرفث هو الجماع.
 
– سنن ابن ماجه، محمد بن يزيد القزويني، تحقيق: شعيب أرناؤوط، دار الرسالة العالمية، ط1، (1430هـ -2009م)  320/5 ر: 4250  –  578/2 ر: 1671
– صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: البغا، دار ابن كثير، دمشق، سوريا، ط5، (1414هـ – 1993 م) 2501/6 – ر:6435
– سنن أبي داود، سليمان بن الأشعث السجستاني، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، صيدا- بيروت. 61/1 ر:236
– – حاشية رد المحتار، على الدر المختار، محمد أمين، الشهير بابن عابدين، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، ط2، (1386هـ – 1966م)
145/1