هل يجوز للمرأة أن تؤم جماعة من النساء في الصلاة؟ (شافعي)

يجيب عن السؤال الشيخ محمد فايز عوض

السؤال

هل يجوز للمرأة أن تؤم جماعة من النساء في الصلاة؟

الجواب

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين..
أما بعد: فقد شرع الله صلاة الجماعة لحكم كثيرة منها:
الاجتماع والألفة، وبقاء المجتمعات متماسكة، تربطها رابطة الإسلام، بأحكامه وشرائعه اليومية، والأسبوعية، والشهرية، والسنوية، والعمرية،
فمن الشرائع اليومية التي تكرر في اليوم والليلة خمس مرات: الصلاة، ولذا كانت أجل الشعائر وأعظمها، وقد أكثر الله من ذكرها في القرآن، ومدح أنبياءه بالمحافظة عليها والأمر بها، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من صلى هذه الصلوات في جماعة فإن صلاته تفضل على صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة،
أداء الصلاة في جماعة من شعار الإسلام، ومن شيم الصالحين الكرام؛ فقد أعلى الشرع الشريف من شأنها، ورغّب فيها؛ فقال تعالى: ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة: 43] أي: في جماعتهم، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «صَلَاةُ الجَمَاعَةُ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» متفق عليه، وقال: «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ، فَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ؛ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ»([1])
وهذه النصوص وغيرها تدل على أنه لا فرق في استحباب الجماعة بين المرأة والرجل، فصلاة المرأة في جماعة مع غيرها من النساء وإمامتها لهن مشروعة مستحبة، فالتعبير بأفعل التفضيل في قوله صلى الله عليه وآله وسلم-: «صَلَاةُ الجَمَاعَةُ أفضل..» إلى آخر الحديث- يقتضي ندبيَّة الجماعة، والحديث مطلق، لم يقيده النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذَكَر أو أنثى، فدلَّ ذلك أن النساء متساويات مع الرجال في تحصيل فضيلة الجماعة، وإقامة الصلاة جماعة من قِبَلهن وحدهن كما يقيمها الرجال وحدهم.
فتجوزُ إمامةُ المرأةِ للنِّساءِ، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة، والشافعيَّة([2]) والحَنابِلَة، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلف، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
و يدل لذلك ما روته أمِّ ورقةَ بنتِ نوفل رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَزورُها في بيتِها، وجعَل لها مؤذِّنًا يؤذِّنُ لها، وأمَرَها أن تؤمَّ أهلَ دارِها .([3])
وعن عائشةَ أمِّ المؤمنينَ: أنَّها أمَّتِ النِّساءَ في صلاةِ المغربِ، فقامتْ وسْطهنَّ، وجهرتْ بالقراءةِ. ([4])
و ما روي عن حُجَيرةَ بنتِ حُصَينٍ، قالت: (أمَّتْنا أمُّ سَلمةَ أمُّ المؤمنينَ في صلاةِ العصرِ، وقامتْ بَيننا)([5])
وفقنا الله لالتزام شرعه و الاهتداء بهدي نبيه و الحمد لله رب العالمين

([1]) ابن حبان (2101) والحاكم (770) وأبو داود (547)
([2])المجموع  للنووي (4/199)، أسنى المطالب لزكريا الأنصاري (1/209) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 2/173
([3]) أخرجه أبو داود (592) وأحمد (27324)، وابن خزيمة (1676)
([4])البيان في مذهب الإمام الشافعي للعمراني (2/492)
([5]) أخرجه عبد الرزاق (5082) والدارقطني (1/405). وصحَّح إسنادَه النوويُّ في المجموع (4/199)،