هل يجوز للرجل أن يأخذ بيد امرأة كبيرة في السن ليساعدها في المشي أو ينقذها من الوقوع على الأرض مثلا ؟

يجيب عن السؤال  الشيخ  محمد فايز عوض

السؤال

هل يجوز للرجل أن يأخذ بيد امرأة كبيرة في السن ليساعدها في المشي أو ينقذها من الوقوع على الأرض مثلا ؟

الجواب

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ: فلا شك أن الشريعة الإسلامية حرمت على الرجل ملامسة المرأة الأجنبية، ومن فعل هذا فهو متوعد بالعقوبة؛ فعن مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “لَأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ”([1]) .

غير أنه إذ دعت الضرورة أو الحاجة الشديدة إلى أن يأخذ الرجل بيد المرأة الأجنبية ويمسها فلا بأس بهذا؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات، والضرورة تقدر بقدرها، وهذه من قواعد الشرع الحكيم، والمتأمل في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يتردد في الحكم بالجواز في تلك الحال؛

فعن الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ : ، قالت: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسْقِي وَنُدَاوِي الْجَرْحَى وَنَرُدُّ الْقَتْلَى إِلَى الْمَدِينَةِ ([2]).

وعن أنس رضي الله عنه قال كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو بِأُمِّ سُلَيْمٍ وَنِسْوَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مَعَهُ إِذَا غَزَا ، فَيَسْقِينَ الْمَاءَ وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى .([3]) فالحديث نصّ في استصحاب النساء لمصلحة المرضى والجرحى لا يكون شيء من هذا بغير مسّ في الغالب.

وبناء عليه فإن كانت هذه المرأة محتاجة إلى إمساكك يدها لمساعدتها وكان تركك لها قد يفضي إلى لحوق الضرر بها فلا حرج عليك فيما فعلت، بل تثاب و لك الأجر على ذلك

عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ»([4]) ،

قال الإمام النووي في منهاج الطالبين وعمدة المفتين :

(ومتى حرم النظر حرم المس ويباحان لفصد وحجامة وعلاج قلت ويباح النظر لمعاملة وشهادة وتعليم ونحوها)([5])

وقال البهوتي في كشاف القناع: (ولطبيب نظر ولمس ما تدعو الحاجة إلى نظره ولمسه… ومثله ـ أي الطبيب ـ من يلي خدمة مريض أو مريضة في وضوء واستنجاء وغيرهما، وكتخليصها من غرق وحرق ونحوهما)([6])

نسأل الله أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه و يعصمنا من الفتن ما ظهر منها و ما بطن

([1]) الطبراني (486)
([2]) البخاري (2882) والنسائي (8830) وأحمد (27659)
([3]) مسلم (1810) والنسائي (7515) وأبو داود (2531) والترمذي (1575)
([4]) الطبراني (13646)
([5]) منهاج الطالبين ص 95  و  مغني المحتاج شرح منهاج الطالبين 3/ 132
([6]) كشاف القناع عن متن الاقناع  11/160

[الشيخ] محمد فايز عوض

هو الشيخ الدكتور محمد فايز عوض  من مواليد دمشق – سوريا 1965 

درس العلوم الشرعية في مساجد دمشق و معاهدها 

خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1985

حائز على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية بهاولبور  في باكستان. 

له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.

درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق، 

مدرس في  جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في اسطنول للعديد من المواد العربية و الشرعية

مدرس في عدد من المعاهد الشرعية في اسطنبول 

عضو رابطة علماء الشام، عضو مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، عضو رابطة العلماء السوريين، عضو المجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..

من مشايخه الذين قرأ عليهم:

 والده الشيخ محمد محيي الدين عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، و الشيخ أحمد القلاش ، و الشيخ محمد عوامة ، والشيخ ممدوح جنيد.