هل يجوز للرجال لبس الكرافات المصنوعة من الحرير؟

 يجيب عن السؤال الشيخ باسم عيتاني  

السؤال

هل يجوز للرجال لبس الكرافات المصنوعة من الحرير؟

الجواب

 

حضرة السائل حفظك الله تعالى:

(الكرافات) هي كلمة لاتينية تُرجمت إلى العربية بمعنى ربطة العنق، وهي قطعة قماش طويلة لا تزيد عرضاً عن ثلاثة أصابع من أصابع اليد، تُلَفُّ تحت قَبَّة القميص وتُعقد عند الحلق، وتمتد طولاً إلى ما يقارب الصُّرَّة أو حزام البنطال.

يجوز للرجال لبس (الكرافات) ربطة العنق من الحرير سواء كان مُصَنَّعاً أو طبيعياً.

فربطة العنق التي من الحرير المُصنَّع الذي يقال عنه حرير اصطناعي، هو نسيج يتم إنتاجه من الألياف الطبيعية مثل لُبِّ الخشب أو القطن عبر معالجة كيميائية، ويشبه الحرير الطبيعي من حيث الشكل والملمس، ولكنه أقل تكلفة مالية منه، ومنتشر ومتوفر بالأسواق المحلية والعالمية، ولا يكاد يميز الحرير الطبيعي عن الحرير المصنع إلا صاحب خبرة محترف، وهو لا يعتبر حريراً حقيقة ولو سمي حريراً بين الناس وبين التجار في الأسواق، فالعبرة بالمسمى، والاسم لا يغير من حقيقته ولا حكمه، فيعتبر من الأقمشة المباحة، فينتج لدينا من حيث الحكم الشرعي أن لبس ربطة العنق من الحرير الاصطناعي جائز.

وأما ربطة العنق التي من الحريرالطبيعي، وهو نسيج مصنوع من دودة القز، فهذا بحاجة إلى شيء من التفصيل، فقد وردت الحرمة في لُبس الحرير للرجال في نصوص كثيرة من الأحاديث النبوية الشريفة، من ذلك أنّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم أَخذ حريراً فجعله في يمينه، وأخذ ذهباً فجعله في شماله ثم قال: 

“إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي” [سنن أبي داود]،

ولكن لحظ الفقهاء أن التشريع استثنى للرجال القليل منه، فقد ورد عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم –

“نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ؛ إِلا مَوْضِعَ إِصْبَعَيْنِ أَوْ ثَلاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ” [صحيح مسلم]

والمقصود من قدر أربع أصابع العرض فقط، ولاعبرة بالطول. [ينظر:حاشية ابن عابدين]

وقد أجاز الفقهاء رحمهم الله تعالى على هذا الاستنثاء، استعمال الرجل الحرير لعَلَم الثوب كالتطريز والنقش فيه ولقَبَّة الجُبَّة أوالقميص وأكتاف العَباءة ورُقعة ثوب وما يُخاط على أطراف الأكمام وعُرْوَة الملابس والأزرار وغير ذلك إذا كان الأمر دون عرض أربع أصابع.

وينطبق على هذا الاستثناء اتخاذ الرجل ربطة العنق (الكرافات) من الحرير لأنها دون عرض أربع أصابع، وهي تعتبر رباطاً لغرض التزين وليست لباساً مستقلاً وهي تابعة للقميص، ولا تلبس بانفرادها، والعبرة للمتبوع لا للتابع.

وأنصح الأخ السائل عدم لبس ربطة العنق من الحرير الطبيعي خروجاً من الخلاف حيث اتجه بعض الفقهاء المعاصرين إلى عدم جواز لبسها لأنها داخلة في النهي عن الحرير للرجال، ويمكن لك أن تتخذ ربطة عنق من الحرير الاصطناعي بديلاً عنها لأنها شبيهة لها في الشكل والملمس.

ألبسنا الله وإياك لباس أهل الجنة.
والله الموفق للصواب



– سنن أبي داود، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، صيدا – بيروت. 50/4 ر:4057
– صحيح مسلم، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه، القاهرة،   (١٣٧٤هـ – ١٩٥٥م) 543/3 ر:2069

– ابن عابدين، محمد أمين، حاشية رد المحتارعلى الدر المختار شرح تنويرالأبصار، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، ط2، (١٣٨٦هـ – ١٩٦٦ م)، 353/6