هل يجوز عملية زراعة الشعر للرجال؟

 يجيب عن السؤال الشيخ  محمد فايز عوض

السؤال

هل يجوز عملية زراعة الشعر للرجال؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين.
فإن الله تعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم، فجعله في أفضل هيئة، وأكمل صورة، معتدل القامة كامل الخلقة، وأودع فيه غريزة حب التزين والتجميل، ودعا إليها عن طريق رسله وأنبيائه فقال: )يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الحياة الدنيا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ[ [الأعراف 31-32]
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ»([1]) .
و من المسائل المستجدة التي يلجأ إليها بعض الناس زراعة الشعر و توضيحا للمسألة ينبغي التفريق بين و صل الشعر و زراعة الشعر
فوصل الشعر عبارة عن استخدام شعر آدمي من رأس شخص ما لرأس شخص آخر.ويتم اللّجوء إليه سبب سقوط الشعر أو لتجمیل مظهره وزيادة كثافته.
و قد اتفق الفقهاء على تحریم وصل الشعر أیًا كان نوعه و طریقته ([2])
واستدلوا على ذلك بالأحادیث التي نهى فیها النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصل، ولعن فاعله. ومن هذه الأحاديث
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَعَنَ اللهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ ، وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ» .([3])
أما زراعة الشعر فهي استخدام بصیلات شعر الشخص نفسه عبر نقلها إلى أماكن الصلع ليعود نمو الشعر فیها.  فما حكم زراعة الشعر؟
(إن علاج الشعر جراحياً بإجراء عملية زرع الشعر في الرأس بحيث يكون نامياً جائز إذ لا تدليس فيه، بل معالجة للرجوع إلى الخلقة القويمة التي جبل عليها الإنسان)([4]).
وقد استدل لهذا القول بما يلي :
     1          عن أَبَي هُرَيْرَةَ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «إِنَّ ثَلَاثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى بَدَا لِلهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ »   و فيه    «وَأَتَى الْأَقْرَعَ فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ شَعَرٌ حَسَنٌ وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ قَالَ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ وَأُعْطِيَ شَعَرًا حَسَنًا »
والحديثُ يدلُّ على أنَّ إزالةَ العيبِ باسْتِنْبَاتِ الشعرِ الحسنِ جائزٌ، ولو كان ممنوعًا مَا فعلَه المَلَك، ولو كان جائزًا في شريعتهم غير جائزٍ في شريعتِنا لبيَّنه النبُّي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ولَمَا أقرَّه، وهو في مَعرِض البيان و«تَأْخِيرُ البَيَانِ عَنْ وَقْتِ الحاجَةِ لاَ يَجُوزُ».
     2          أن زرع الشعر لیس من باب تغییر خلق ﷲ أو طلب التجمل والحسن زیادة على ما خلق ﷲ ولكنه من باب ردّ ما خلق ﷲ عزّ وجلّ وإزالة العیب، وما كان كذلك فإن قواعد الشریعة لا تمنع منه.
     3          أن الصلع والقرع یعتبر عیباً فـي الإنسان یجد من أصیب به الألم النفسي والازدراء من الناس، وفـي قصة الأبرص والأقرع والأعمى لما سئل الأقرع: أي شيء أحب إلیك؟ قال: شعر حسن، ویذهب عني هذا الذي قذرني الناس، وزراعة الشعر هي من باب علاج هذا العیب، وقد دلت الأدلة الكثیرة على جواز العلاج والتداوى من الأمراض والعیوب التي تقع للإنسان،
قال النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم عند شرحه لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في لعن النبي صلى الله عليه وسلم للواشمات والمستوشمات، قال:           ((وأما قوله (المتفلجات للحسن)، فمعناه يفعلن ذلك طلبا للحسن ، وفيه إشارة إلى أن الحرام هو المفعول لطلب الحسن ، أما لو احتاجت إليه لعلاج أو عيب في السن ونحوه فلا بأس([5]) )) .
وهذا ما قرره مجمع الفقه الإسلامي الدولي، المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي ، المنعقد في دورته الثامنة عشرة في بوتراجايا (ماليزيا) من 24إلى29 جمادى الآخرة 1428 هـ، الموافق 14-9تموز يوليو 2007م، قرار رقم (173)18/11، بشأن الجراحة التجميلية وأحكامها.
نسأل الله أن يرينا الحق حقا و يرزقنا اتباعه إنه سميع مجيب
____________________________________________________________________________

([1])  مسلم (91) وابن حبان (224) وأبو داود (4091) والترمذي (1998)

([2]) حاشية ابن عابدين 5 / 239 ، قوانين الأحكام الشرعية ص 482 ، روضة الطالبين 1 / 276 ، مطالب أولي النهى 1 / 90 ، كشاف القناع 1 / 81 .

([3]) البخاري (5933)

([4]) دراسات فقهية في قضايا فقهية معاصرة : أحكام جراحة التجميل د محمد عثمان شبير  ص 549

([5]) شرح النووي على مسلم 14/107

الشيخ محمد فايز عوض

هو الشيخ الدكتور محمد فايز عوض  من مواليد دمشق – سوريا 1965 

درس العلوم الشرعية في مساجد دمشق و معاهدها 

خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1985

حائز على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية بهاولبور  في باكستان. 

له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.

درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق، 

مدرس في  جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في اسطنول للعديد من المواد العربية و الشرعية

مدرس في عدد من المعاهد الشرعية في اسطنبول 

عضو رابطة علماء الشام، عضو مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، عضو رابطة العلماء السوريين، عضو المجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..

من مشايخه الذين قرأ عليهم:

 والده الشيخ محمد محيي الدين عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، و الشيخ أحمد القلاش ، و الشيخ محمد عوامة ، والشيخ ممدوح جنيد.

الشيخ الدكتور محمد أبو بكر باذيب

هو الشيخ الدكتور محمد أبو بكر باذيب عالم إسلامي من علماء اليمن، مواليد شبام – حضرموت 1976م

نال الشيخ الإجازة في الشريعة من جامعة الأحقاف، والماجستير من جامعة بيروت الإسلامية، والدكتوراه في أصول الدين من جامعة عليكرة الإسلامية .(AMU)

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ الحبيب أحمد مشهور الحداد، والشيخ فضل بافضل، والحبيب سالم الشاطري، والحبيب علي مشهور بن حفيظ، وغيرهم…

كان مديرَ المطبوعات في دار الفقيه، ونائبَ مدير العلاقات الثقافية بجامعة الأحقاف سابقاً، ومساعدَ شؤون الموظفين في شركة عطية للحديد سابقاً، وباحثاً في مركز السنة التابع لمؤسسة دلة البرك، وباحثاً في مؤسسة الفرقان فرع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة

وهو الآن باحث في مؤسسة الفرقان فرع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويقوم بالتدريس التقليدي بطريقة الإجازة في دار الفقهاء تركيا، ويشرف على القسم العربي بمعهد نور الهدى العالمي (seekersguidance)، وعضو أمناء دار المخطوطات بإستانبول

من مؤلفاته: جهود فقهاء حضرموت في خدمة المذهب الشافعي، وإسهامات علماء حضرموت في نشر الإسلام وعلومه في الهند، وحدائق النعيم في الفقه الشافعي،  بالإضافة إلى تحقيق عدد من الكتب الفقهية والتاريخية وفي فن التراجم والأثبات (الأسانيد)