هل يجوز جمع الصلوات و قصرها في السفر؟

يحيب عن السؤال الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب

السؤال

هل يجوز جمع الصلوات و قصرها في السفر؟

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله.

       إن الأصل في الإسلام أن تصلى كل صلاة كاملة في وقتها، لكن هناك أوقات وحالات يجوز فيها قصر الصلاة الرباعية الى ركعتين، وجمع الصلوات النهارية (الظهر والعصر) والليلية (المغرب والعشاء)، كما هو معلوم لدى المسلمين، ويكون القصر والجمع في حالات محصورة.

       وللعلماء عبارات واضحة وصريحة في مشروعية القصر والجمع، قال الإمام النووي: “مذهبنا: أنّ القصر والإتمامَ جائزانِ. وأن القصْرَ أفضل من الإتمام. وبهذا قال عثمان بن عفان، وسعد بن أبي وقاص، وعائشةُ، وآخرونَ” [1]، وذكر أسماء عدد كبير من أهل العلم من التابعين وتابعيهم، مما يدل على اتفاق جمهور المسلمين على الجواز وعدم وجود معارض في ذلك.

أدلة جواز القصر عند الشافعية:

  • الدليل من الكتاب العزيز:

قول الله تعالى ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكم جُناحٌ أنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ [سورة النساء: 101]. قال الشافعيُّ: ولا يستعمل لا جناح إلا في المباح [2].



  •  الدليل من السنة:

(1)- حديث السيدة عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم “كان يقصر في السفر ويتم ويفطر ويصوم” [3].
(2)- حديث ابن عمر قال: “صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين، وأبو بكر بعده، وعمر بعد أبي بكر، وعثمان صدراً من خلافته. ثم إن عثمان صلى بعدُ أربعاً. قال: فكان ابن عمر إذا صلى مع الإمام صلى أربعاً، وإذا صلاها وحدَه صلى ركعتين”. [4]
(3)- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: “رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا أعجله السير يؤخر المغرب فيصليهما ثلاثاً، ثم يسلم، ثم قلما يلبث حتى يقيم العشاء، فيصليهما ركعتين، ثم يسلم” [5].

  • دليل الإجماع:

قال الإمام النووي: “قال أصحابنا: ولأن العلماء أجمعوا على أن المسافر إذا اقتدى بمقيم لزمه الإتمام، ولو كان الواجبُ ركعتين حتماً لما جازَ فعلها أربعاً خلف مسافرٍ ولا حاضرٍ، كالصبح”.

وأما دليل الجمع:

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا أعجله السيرُ يؤخّر المغرب فيصليهما ثلاثاً، ثم يسلم، ثم قلما يلبث حتى يقيم العشاء، فيصليهما ركعتين، ثم يسلم».

      هذا هو مذهب الشافعية في مسألة مشروعية القصر والجمع، وأما أحكام القصر والجمع، وما يتفرع عنها من فروع، وما يلزم لها من شروط، فهذا باب واسع، وقد أفرد العلماء لبيان ذلك فصولاً في الكتب الفقهية، بل أفردت أحكام القصر والجمع بالتأليف من قبل بعض العلماء.

والخلاصة:

أنك إذا سافرت سفراً مسافته 86 كيلومتر، على الاحتياط، فيجوز لك أن تصلي الظهر أو العصر أو العشاء ركعتين فقط بدلاً من أربع.. ويجوز لك أيضاً أن تجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم أو جمع تأخير، وكذلك الحال بين المغرب والعشاء إما جمع تقديم أو تأخير.

و الله أعلم، وهو الموفق للصواب.


تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب، وتمت مراجعة الإجابة من قبل الشيخ د. محمد فايز عوض.


د. محمد أبو بكر باذيب: عالم إسلامي من علماء اليمن، نال الشيخ الإجازة في الشريعة من جامعة الأحقاف، والماجستير من جامعة بيروت الإسلامية، والدكتوراه في أصول الدين من جامعة عليكرة الإسلامية (AMU).
تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ الحبيب أحمد مشهور الحداد، والشيخ فضل بافضل، والحبيب سالم الشاطري، والحبيب علي مشهور بن حفيظ، وغيرهم…
كان مديرَ المطبوعات في دار الفقيه، ونائبَ مدير العلاقات الثقافية بجامعة الأحقاف سابقاً، ومساعدَ شؤون الموظفين في شركة عطية للحديد سابقاً، وباحثاً في مركز السنة التابع لمؤسسة دلة البرك، وباحثاً في مؤسسة الفرقان فرع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة.
وهو الآن باحث في مؤسسة الفرقان فرع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويقوم بالتدريس التقليدي بطريقة الإجازة في دار الفقهاء تركيا، ويشرف على القسم العربي بمعهد نور الهدى العالمي (seekersguidance)، وعضو أمناء دار المخطوطات بإستانبول.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] النووي، المجموع شرح المهذب: 4/ 337.2.  رواه الدارقطني والبيهقي وغيرهما قال البيهقي قال الدارقطني إسناده صحيح، وقال النووي: “وهو حديث حسن”
[2] النووي، المجموع شرح المهذب 4/ 339.
[3] النووي، المجموع شرح المهذب 4 /341.4

[4] صحيح مسلم.
[5] صحيح البخاري 1091، وصحيح مسلم: أخرجه في صلاة المسافرين وقصرها باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر. وفي الحج باب الإفاضة منن عرفات إلى المزدلفة.