هل يجوز بيع المصحف وشراؤه؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال

هل يجوز بيع المصحف وشراؤه؟

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد؛

يجوز بيع المصحف وشراؤه؛ لأن البيع والثمن يتوجه إلى الورق أو أجرة الكتابة، أو يتوجه لهما معاً وهذا جائز، ولا يقال عند ذلك: اشترى المصحفَ بل استوهبه؛ تأدباً واحتراماً. [1]
وهذا الحكم في بيع المصحف ينطبق على من عنده مصحف في بيته وأراد بيعه بآخر، كما قال ابن عابدين نقلاً عن الملتقى: “وجاز ‌بيع ‌المصحف المخرَّق وشراء آخر بثمنه”. [2]

بيع المصحف في المكتبات

أما أصحاب المكتبات فلا يمكن تطبيق ذلك عليهم؛ لما فيه من تعطيل مصالح المسلمين، غير أنه لا يسمى بيعًا بل هبةً؛ تأدبًا واحترامًا كما سبق ذكره. [3]
ولمَّا كان المصحف يَضمُّ بين دفتيه كلام الله تبارك وتعالى، فقد اختُصَّ بأحكام شرعية ليست لغيره من الكتب مهما جلّت أو عظمت أهميتها، وقد ذكر العلماء  آراءً أخرى كلها تصب في تعظيم كلام الله تعالى لا بأس بذكرها من باب لفت النظر إلى توقير كتاب الله تعالى وتعظيمه

ومن هذه الآراء:

كره كثير من العلماء ‌بيع ‌المصاحف وشراؤها؛ لما في تداولها بالبيع والشراء من الابتذال، فأخرج ابن أبي داود عن عبد الله بن شقيق قال: “كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يُشدِّدُون في ‌بيع ‌المصاحف” [4]

قال ابن عمر: “وددتُ أن الأيدي تُقطع في بيعها”.

وورد عن عبد الله بن شقيق أنه قال: “كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يشددون في بيع المصاحف”. [5]

ومما يجب التنبُّه له، ضرورة احترام كتاب الله عز وجل، فلا يجوز رمي أوراق المصحف المهترئة – وخصوصاً في المطابع التي تطبع المصحف الشريف، أو المساجد بسبب كثرة التناول- في مكان لا يليق بكلام الله عز وجل، بل تُلَفُّ هذه الأوراق بقطعة قماش وتدفن في مكان بعيد عن احتمال وصول النجاسة إليه.
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ أنس لموسى، وراجعها الشيخ فراز رباني.



الشيخ أنس الموسى عالم إسلامي من مواليد سورية حماة 1974م. حاز على إجازة في الحديث الشريف من جامعة الأزهر، وماجستير من جامعة يلوا في نفس التخصص، فضلاً عن أنه مجاز في الهندسة من جامعة دمشق. تتلمذ على أكابر علماء الشام ومشايخها: كالشيخ بكري الطرابيشي، والشيخ أديب الكلاس، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، وغيرهم…
لديه خبرة واسعة في تطوير التدريس والمناهج في المعاهد الإسلامية في سورية وتركية وغيرهما…
يقوم بالإقراء بالقراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة، ومدرس لمختلف العلوم الشرعية في كثير من المعاهد الشرعية، ويقوم بالتدريس التقليدي بطريقة الإجازة في دار الفقهاء تركية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] تحفة الفقهاء للسمرقندي (1/ 31)؛ المحيط البرهاني (1/ 77)؛ حاشية ابن عابدين (4/ 352)؛ وينظر الأثر المروي عن عامر الشعبي الذي أخرجه عبد الرزاق في المصنف (14527)، وقال فيه: “إنما يأخذ ثمن ورقه وأجرة كتابته”.
[2] مصنف عبد الرزاق الصنعاني (14521)؛ المصاحف لابن أبي داود ص161؛ الموسوعة الفقهية الكويتية (38/ 16).
[3] علوم القرآن الكريم د. نور الدين عتر (190).
[4] علوم القرآن الكريم د. نور الدين عتر ص189.
[5] حاشية ابن عابدين (4/ 352).