هل يجوز استعمال بلسم الشفاه (تشابستيك) أثناء الصيام في رمضان؟

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛

بلسم الشفاه: هو مركب من مواد زيتية وشمعية ومرطبة ومنكهة وملونة وطبية، ويستخدم لعلاج تشقق الفم وجفافه والتهاب زوايا الفم بواسطة أنبوب صغير. ومرهم الشفاه هو  بلسم الشفاه نفسه إلا أنه أكثف مادة. ويستخدمه النساء والرجال، ولكن الغالب في النساء، و(تشاسبيك) هو علامة تجارية لبلسم الشفاه.
ذكر العلماء المعاصرون أن بلسم الشفاه إذا ابتُلع منه شيء من أجزائه يكون مفطراً بسبب المواد المركبة فيه، وعلى مستخدمه قضاء يومه من رمضان، وإذا لم يكن هناك ابتلاع شيء من المادة فالصيام صحيح، ولاشيء عليه، وهذا ضمن القاعدة العامة في الصيام وهي:  عدم دخول شيء إلى المعدة من منفذ الفم لايفطر، ودخول شيء منه يفطر. وهذه القاعدة لاغبار عليها، فهي من المعلومات الضرورية في الصيام.

ولكن السؤال الدقيق: هل وضع بلسم الشفاه على الشفتين لايتسرب إلى المعدة من طريق الفم؟
بعد تتبع هذه المسألة من حيث الواقع نجد أن وضع بلسم الشفاه على الشفتين يتسرب إلى الفم شيئاً فشيئاً، لأن المستخدم يضعه على الشفتين الخارجيتن، وهذا يتصل بالضرورة بالشفتين الداخلتين الرطبتين من الريق المستمر أثناء فتح الفم وإطباقه مثل حالة التكلم، وأثناء وضع الأسنان على الشفتين، وأثناء إدخال الماء لأجل المضمضة حيث تختلط المادة مع الماء، وبلسم الشفاه يبقى ثابتاً لفترة زمنية من ساعتين أوأكثر بسبب الدهون والمثبتات، ومن المعلوم أن المادة الدهنية تنتشر و تتوسع في محلها، ويبدأ تسرب جزئيات المادة إلى الفم و تختلط بالريق ومن ثم يبتلعها الصائم، وهذا كله يؤدي إلى إفطار الصائم.

أما من جعل بلسم الشفاه مثل المضمضة أثناء الصيام، فليس بدقيق، لأن هناك فارقاً كبيراً بينهما.  فالباقي من المضمضة لايؤثر في الصيام أي لايفسده، وإن وجد طعم الماء لأن ذلك معفو عنه لايمكن الاحترازعنه بالاتفاق. ولأن الماء في المضمضة لايبقى بالفم إلا ثوان ويُخرجه الصائم وطعم الرطوبة تذهب بسرعة، أما تسرب مادة بلسم الشفاه مستمرة بسبب بقائها وكذلك الطعم لايزول من الفم إلا بزوالها، ويحدث الابتلاع للبقاء في الفم، ولم نر من يبصق التسربات بعدما اختلطت بالريق بل تبتلع .
وبناء على ذلك يجب عدم وضع بلسم الشفاه أثناء الصيام في شهر رمضان لأنه يتحقق تسرب المادة إلى الفم ويحدث ابتلاع سواء انتبه الواضع أو لم ينتبه، وهذا يؤدي إلى فساد الصوم، ويجب القضاء فقط لأجل الابتلاع ولا كفارة فيه (لأنه لا يؤكل ولايشرب عادة) [ ينظر: مراقي الفلاح]
ومن كان بحاجة إلى استعمال بلسم الشفاه في رمضان يستطيع أن يستعمله في مدة الليل بعد الغروب إلى طلوع الفجر، ففي ذلك متسع من الوقت لذلك، وهذا كافي لعلاج التشققات والجفاف في الشفاه.
والله أعلم وأحكم .

– مراقي الفلاح شرح متن نور لإيضاح، حسن بن عمار الشرنبلالي، المكتبة العصرية، ط1، (1425 هـ – 2005م) ص252