هل نأثم بترك صلاة السنة؟ (شافعي)

يجيب عن السؤال الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب

السؤال

هل نأثم بترك صلاة السنة؟

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد؛

فإن الصلاة في الإسلام أساس عظيم، وهي الركن الثاني من أركان الدين، وهي خير موضوع، فمن استطاع أن يستكثر منها فليستكثر، كما ورد في الحديث الذي رواه الطبراني [1].

والصلوات نوعان: فرائض، ونوافل.

      فالفريضة لا يتم إسلام المسلم إلا بأدائها وهي الصلوات الخمس في اليوم والليلة، وفي الحديث الصحيح: «العهدُ الذي بينَنَا وبينَهُم الصلاةُ، فمَنْ تركَهَا فقَدْ كَفَر» [2]، وأخرج أبوداود في (سننه) عن أبي مسلم الخولاني، قالوا: يا رسول الله، إنا قد بايعناك، فعلام نبايعك؟ قال: «أنْ تعبدوا اللهَ ولا تُشرِكُوا بِهِ شيئاً، وتُصلّوا الصّلواتِ الخمسِ»، الحديث [3].
وحديث ضمام بن ثعلبة الشهير، الذي أخرجه البخاري وغيره، ولفظ أحمد من رواية ابن عباس: أن ضمام بن ثعلبة، أخا بني سعد بن بكر لما أسلم، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرائض الإسلام من الصلاة وغيرها، فعد عليه الصلوات الخمس لم يزد عليهن [4].

      فهذه الأحاديث وغيرها، تدل على أن فريضة الصلاة هي الخميس صلوات، وهناك صلوات نافلة، تتبع الفرائض، وتكون إما قبلية أو بعدية، وهي مكملات للفرائض، وجابرة لما قد يحدث فيها من خلل أو نقص أو تقصير. لما أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنَّ أولُ ما يُحاسبُ بهِ العبدُ يومَ القيامةِ مَن عملُهُ صلاتُهُ، فإنْ صلحتْ فقدْ أفلحَ وأنجحَ، وإنْ فسدَت فقدْ خابَ وخسرَ، فإنْ انتقصَ من فريضتِهِ شيءٌ، قالَ الربُّ عزَّ وجلَّ: اُنظروا هل لِعبدي مِنْ تطوعٍ فيُكملُ بها ما انتقصَ مِنَ الفريضةِ، ثمُّ يكونُ سائرُ عملِهِ على ذلك» [5].

      والصلوات النوافل، يسميها الفقهاء السنن، أو المندوبات، أو المستحبات، وهي أنواع، منها سنن مؤكدة، وسنن غير مؤكدة. ومنها ما يكون قبل أو بعد الفريضة، ومنها ما يصلى استقلالا كصلاة الضحى، أو التراويح في رمضان، إلى غير ذلك.

      فعلى المسلم أن يحافظ على الفرائض ولا يضيعها، وإلا كان على خطر عظيم، ثم عليه أن يعود نفسه أداء النوافل، ليزداد من الأجر والثواب والفضل الذي رتبه المولى تعالى على فعلها، ولا يحرم نفسه الخير، كما قال القائل:
أَتَرضَى أنْ تَكونَ رَفِيقَ قَومٍ          لَهُمْ زادٌ وأنتَ بِغَيرِ زادٍ

      والله تعالى قد حثنا في كتابه على التزود من الخير، قال تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى [البقرة: 197]، ومن أعظم أنواع التقوى المحافظة على الصلوات فرائضها ونوافلها، لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر. والله ولي التوفيق.


تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب، وراجعها الشيخ د. محمد فايز عوض.

د. محمد أبو بكر باذيب عالم إسلامي من علماء اليمن، نال الشيخ الإجازة في الشريعة من جامعة الأحقاف، والماجستير من جامعة بيروت الإسلامية، والدكتوراه في أصول الدين من جامعة عليكرة الإسلامية (AMU). تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ الحبيب أحمد مشهور الحداد، والشيخ فضل بافضل، والحبيب سالم الشاطري، والحبيب علي مشهور بن حفيظ، وغيرهم…
يشرف على القسم العربي سيكرز عربية للعلوم الشرعية (seekersguidance)، وعضو أمناء دار المخطوطات بإستانبول.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الطبراني، المعجم الأوسط (243).
[2] سنن الترمذي (2621).
[3] سنن أبي داود (1642).
[4] صحيح البخاري (64)؛ مسند الإمام أحمد (2254).

[5] سنن الترمذي (413).