هل قول (تقبل الله) بعد الصلاة بدعة؟

يجيب عن السؤال الشيخ محمد فايز عوض  

السؤال

هل قول (تقبل الله) بعد الصلاة بدعة؟

الجواب

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد:

إن الدعاء بالقبول والمصافحة عقب الصلاة لابأس بها وهي دائرة بين الإباحة والاستحباب، وليست ركنًا أو جزءًا من الصلاة، فإذا قاله أحياناً بدون اعتقاد القربة، فلا بأس به.

وقد ورد مثل هذا في يوم العيد ، فعَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ : لَقِيتُ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ فِي يَوْمِ عِيدٍ ، فَقُلْتُ : تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكَ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكَ ، قَالَ وَاثِلَةُ : لَقِيتُ رَسُولَ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَوْمَ عِيدٍ ، فَقُلْتُ : تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكَ ، فَقَالَ : «نَعَمْ ، تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكَ» .([1])

وكلمة- تقبل الله- المراد بها الدعاء بأن يتقبل الله من المصلي صلاته أو الصائم صيامه أو من قام بعمل يرجو من الله قبوله هذا العمل، وبالتالي فهي كلمة جائزة لأنه يقصد بها الدعاء، وهي من الكلام الطيب والدعاء للآخر، ولا يوجد منه مانع لأننا أمرنا بالدعاء جملة لقول الله تعالى:

{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر:60].

و أما المصافحة فهي داخلة في عموم استحباب التصافح بين المسلمين، وهو ما يكون سببًا لرضا الله تعالى عنهم، وزوالِ ما في صدورهم من ضيق وغِلّ، وتساقطِ ذنوبهم مِن بين أكفّهم مع التصافح؛ ففي الحديث عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا»([2])

قال الإمام النووي في  المجموع : (وأما هذه المصافحة المعتادة بعد صلاتي الصبح والعصر فقد ذكر الشيخ الإمام أبو محمد بن عبد السلام رحمه الله أنها من البدع المباحة ولا توصف بكراهة ولا استحباب ، وهذا الذي قاله حسن ، والمختار أن يقال : إن صافح من كان معه قبل الصلاة فمباحة كما ذكرنا ، وإن صافح من لم يكن معه قبلها فمستحبة ؛ لأن المصافحة عند اللقاء سنة بالإجماع للأحاديث الصحيحة في ذلك)([3]).

ونقل ابن علّان عن المرقاة أنّه مع كونها من البدع فإذا مدّ مسلم يده إليه ليصافحه فلا ينبغي الإعراض عنه بجذب اليد لما يترتّب عليه من أذًى يزيد على مراعاة الأدب ، وإن كان يقال إنّ فيه نوع إعانة على البدعة وذلك لما فيه من المجابرة.([4])

وعليه فلا ينبغي الإنكار على فاعلها لكن مع التنبيه إلى أنها لاعلاقة لها بالصلاة ولا بسننها و آدابها و الله الموفق

 

 

 

([1])البيهقي (6384) والطبراني (123)
([2])أبو داود (5211) ، والترمذي (2727) وابن ماجه (3703)
([3]) المجموع3 / 488  ، وذكر نحوه في كتاب الأذكار226
([4]) الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية لابن علان /399  ، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح لملا الهروي القاري  7/2963