هل تجوز الصلاة على الميت غير المسلم؟ (شافعي)

يجيب عن السؤال الشيخ أحمد الأحمد

السؤال

هل تجوز الصلاة على الميت غير المسلم؟

الجواب

باسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد؛

فإن صلاة الجنازة من العبادات التي لا تجوز ولا تصح إلا من مسلم، كما لا يجوز أن يُصلى إلا على المسلم، فالكافر الأصلي أو المرتد لا تجوز الصلاة عليهما، سواء كان الكافر ذمياً أو حربياً، بل تحرم. لقوله تعالى: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا [التوبة: 84].

      قال الإمام النووي في (المنهاج): “وتحرم على الكافر”، أي صلاة الجنازة. نعم، يرخّص للمسلم في غسل الكافر، قال الإمام البغوي في (التهذيب): “وإن ماتَ مشرك؛ فأقاربه الكفار أولى بغسله من المسلمين، ولو غسَّله مسلم يجوز؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر علياً بغسل أبيه أبي طالب [1]. ويجوز اتباع جنازته ودفنه، ولكن لا يصلى عليه؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا [التوبة: 84] [2].

      وكما تحرم الصلاة، يحرم الدعاء لهم أيضاً، لعدم استحقاقهم ذلك، هذا حكم الميت الكافر البالغ، ويتبعهم في حكم الصلاة أطفالهم، بخلاف الدعاء للأطفال فقد استظهر الإمام ابن حجر الهيتمي رحمه الله جواز الدعاء لهم، قال في (تحفة المحتاج): “ومنهم: أطفال الكفار، فتحرم الصلاة عليهم، وإن كانوا من أهل الجنة، سواءً أوُصِفوا بالإسلام أم لا؛ لأنهم مع ذلك يعاملُونَ في أحكام الدنيا، من الإرث وغيره معاملة الكفار، والصلاة من أحكام الدنيا، خلافاً لمن وَهِم فيه. ويظهَرُ: حِلّ الدعاء لهم بالمغفرة، لأنه من أحكام الآخرة بخلاف صورة الصلاة” [3].

هذا، فالواجب على المسلم أن يتقيد بأحكام الشريعة المطهرة، وأن لا يتساهل في ذلك، ويبتعد عن موطن الاشتباه، ما لم يضطر ويلجأ إلى ذلك، فللضرورات أحكام، والله أعلم.


تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ أحمد الأحمد، وراجعها الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب.


الشيخ أحمد الأحمد عالم إسلامي من علماء سورية، حائز على شهادة معهد الفتح الإسلامي للعلوم الإسلامية والعربية في دمشق، وليسانس في اللغة العربية من جامعة الأزهر، ودبلوم تأهيل تربوي من جامعة دمشق، ودبلوم لغة عربية من جامعة دمشق، والماجستير في العقيدة من جامعة بيروت الإسلامية (دائرة الفتوى).
تتلمذ على أكابر علماء الشام ومشايخها: كالشيخ عبد الرزاق الحلبي، والشيخ محمد أديب الكلاس، والعارف بالله محمود الشقفة رحمهم الله.
درّس علوماً شتى بين شرعية ولغة عربية، ولديه خبرة واسعة في الإرشاد والتوجيه. يقوم بالتدريس في دار الفقهاء تركية، ويدرّس في معاهد محمود أفندي في إستانبول، ويدرس في معهد الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان للعلوم الشرعية والعربية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] السنن الكبرى، البيهقي: 3/ 398.
[2] التهذيب في فقه الإمام الشافعي، البغوي: 2/ 416.

[3] تحفة المحتاج في شرح المنهاج، ابن حجر الهيتمي: 3/ 159.