هل تجب النية لصوم الفريضة والنافلة ومتى تجب ؟ وهل تكفي نية واحدة لرمضان أم لا بد لكل ليلة من نية؟

يجيب عن السؤال  الشيخ  محمد فايز عوض

السؤال

هل تجب النية لصوم الفريضة والنافلة ومتى تجب ؟ وهل تكفي نية واحدة لرمضان أم لا بد لكل ليلة من نية؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن صوم رمضان عبادة من العبادات أمرنا الله عز وجل بها في قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]

فلا يصح الصوم إلا بالنية ، كسائر العبادات  . ولحديث : « إنما الأعمال بالنيات »([1])  .

والإمساك قد يكون للعادة، أو لعدم الاشتهاء، أو للمرض، أو للرياضة، فلا يتعين إلا بالنية، كالقيام إلى الصلاة والحج.

قال النووي : قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَصِحُّ صَوْمُ رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ مِنْ الصِّيَامِ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا فَلَا يَصِحُّ صَوْمٌ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ إلَّا بِنِيَّةٍ وَمَحَلُّ النِّيَّةِ الْقَلْبُ وَلَا يُشْتَرَطُ نُطْقُ اللِّسَانِ بِلَا خِلَافٍ وَلَا يَكْفِي عَنْ نِيَّةِ الْقَلْبِ بِلَا خِلَافٍ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ مَعَ الْقَلْبِ كَمَا سَبَقَ فِي الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ([2])

تعريف النية:

وهي قصد الصيام، ومحلها القلب، ولا تكفي باللسان، ولا يشترط التلفظ بها، ودليل وجوب النية قوله – صلى الله عليه وسلم – « إنما الأعمال بالنيات »

فإن كانت النية لصوم رمضان اشترط فيها تحقق الأمور التالية:

1ـ التبييت:

وهو أن يتوافر لديه القصد في الليل: أي قبل طلوع الفجر، فإن لم يقصد إلى الصيام إلا بعد طلوع الفجر بطلت النية. وبطل الصوم.

ودليل ذلك قوله – صلى الله عليه وسلم -: «من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له»([3])

وقال ابن قدامة في المغني: (وَمَعْنَى النِّيَّةِ الْقَصْدُ، وَهُوَ اعْتِقَادُ الْقَلْبِ فِعْلَ شَيْءٍ، وَعَزْمُهُ عَلَيْهِ، مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ، فَمَتَى خَطَرَ بِقَلْبِهِ فِي اللَّيْلِ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ، وَأَنَّهُ صَائِمٌ فِيهِ، فَقَدْ نَوَى)([4])
وفي استيقاظ الانسان لتناول طعام السحور كل يوم في رمضان نية قلبية إذ لا يفعل ذلك في غير هذا الشهر الكريم فلا مانع من اعتبارها نية مجزئة

2ـ التكرار:

أي أن ينوي كل ليلة قبل الفجر عن صيام اليوم التالي، فلا تغني نية واحدة عن الشهر كله، لأن صيام شهر رمضان ليس عبادة واحدة، بل هي عبادات متكررة، وكل عبادة لابد أن تنفرد بنية مستقلة.

قال النووي تَجِبُ النِّيَّةُ كُلَّ يَوْمٍ سَوَاءٌ رَمَضَانُ وَغَيْرُهُ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا فَلَوْ نَوَى فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ صَوْمَ الشَّهْرِ كُلِّهِ لَمْ تَصِحَّ هَذِهِ النِّيَّةُ لِغَيْرِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ

لذلك لابد من نية مستقلة لكل يوم، عند الحنفية والشافعة وفي قول معتمد عند الحنابلة، لأن صوم كل يوم عبادة مستقلة فلابد له من نية،

وذهب المالكية إلى أنه يُجزئ صوم شهر رمضان بنية واحدة تكون في أول الشهر، وكذا في كل صيام متتابع مثل كفَّارة الجِماع في نهار رمضان، وهذا ما لـم يقطعه بسفر، أو مرض، أو يكون على حال يجوز له الفطر؛ كحيض، أو نفاس؛ فيلزمه استئناف النية،([5])

أما صوم النافلة فلا يشترط في نيتها تبييت ولا تعيين، فيصبح بنية قبل الزوال، ويصح بنية مطلقة.([6])

ودليل ذلك ماروته السيدة عَائِشَة أُم الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ: «يَا عَائِشَةُ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ»؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ ، قَالَ: «فَإِنِّي صَائِمٌ»([7])
فتلخص لدينا أن النية ركن لابد منه لصحة الصيام و يشترط كونها قبل الفجر و لكل يوم
و يجوز عند البعض نية واحدة للشهر كله بالشرط المذكور و لامانع من الأخذ بهذا القول خشية النسيان

فحري بالمسلم أن يحرص على عبادته كاملة كما أمرنا بها الله سبحانه و تعالى و بينها رسول الله صلى الله عليه و سلم

تقبل صيامنا و قيامنا و رزقنا فيه الإخلاص و القبول إنه سميع مجيب

([1])البخاري (1) ومسلم (1907).
([2]) المجموع 6/289
([3]) ابن خزيمة (1933) والنسائي (2652) وأبو داود (2454) والترمذي (730)
([4]) المغني 3/9
([5]) الشرح الكبير للدردير (1/521).
([6]) المجموع 5/292
([7]) مسلم (1154) وابن خزيمة (2141) وابن حبان (3628)

[الشيخ] محمد فايز عوض

هو الشيخ الدكتور محمد فايز عوض  من مواليد دمشق – سوريا 1965 

درس العلوم الشرعية في مساجد دمشق و معاهدها 

خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1985

حائز على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية بهاولبور  في باكستان. 

له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.

درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق، 

مدرس في  جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في اسطنول للعديد من المواد العربية و الشرعية

مدرس في عدد من المعاهد الشرعية في اسطنبول 

عضو رابطة علماء الشام، عضو مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، عضو رابطة العلماء السوريين، عضو المجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..

من مشايخه الذين قرأ عليهم:

 والده الشيخ محمد محيي الدين عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، و الشيخ أحمد القلاش ، و الشيخ محمد عوامة ، والشيخ ممدوح جنيد.