هل تتميز سور القرآن عن بعضها فتكون أفضل وكيف أعرف فضيلة سورة من القرآن؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى  

السؤال

هل تتميز سور القرآن عن بعضها فتكون أفضل وكيف أعرف فضيلة سورة من القرآن؟

الجواب

 

                                            بسم الله الرحمن الرحيم
نعم تتميز بعض سور القرآن وآياته عن بعض، فيُذكر فيها من الفضائل ما لا يُذكر في غيرها. ولقد ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ما يدل على فضائل بعض السُّورِ، وذلك إما بذكر أجرٍ يترتب على قراءتها، وإما بقصد قراءتها في وقت معيَّنٍ، وإما ببيان أثرها الحسي والمعنوي على المسلم. ونحن لا نستطيع إدراك فضيلة سورة من السور أو آية من الآيات دون خبرٍ من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، فالتفضيل بين السور والآيات يحتاج إلى النقل المحضِ، ولا يصح فيه الاجتهاد.
وقد صُنِّفَت كتب خاصة في فضائل القرآن، منها:  كتاب: ” خَمَائِلُ الزُّهَرِ فِي فَضَائِلِ السُّوَرِ” للإمام السيوطي. ومنها: «فضائل القرآن» لأبي عبيد القاسم بن سلام (ت224هـ)، ومنها: «فضائل القرآن»، لأبي الفداء إسماعيل بن كثير (ت774هـ)، ومنها: «موسوعة فضائل سور وآيات القرآن»، للشيخ محمد بن رزق الطرهوني. وغيرها. (1)

ولا بد من ملاحظة بعض الأمور المتعلقة بفضائل السور والآيات:
  • السورَ التي ورد فيها أخبار تبين فضائلها أقلُّ بالمقارنة مع السور التي لم يرد فيها فضائل.
  • ما تَذكُره بعض كتب التفسير من فضائل سور القرآن كثيرٌ منها لا يثبت، بل بعضه مكذوب لا أصل له، والسبب في هذا أنَّ بعض الزهاد الذين أرادوا ترغيب الناس بالقرآن اعتمدوا الكذب في ذلك، بل برر بعضهم هذا الخطأ بقوله: نفعل ذلك لنرغب الناس بقراءة القرآن، وقالوا أيضاً: نحن نَكذِبُ له لا عليه. كما كان يفعل نوح بن أبي مريم المعروف بنوح الجامع (ت173هـ)، وميسرة بن عبد ربه.
  • أخرج الحاكم في المَدخل إلى كتاب الإكليل بسنده إلى أبي عمار المروزي أنه قيل لأبي عصمة الجامع (نوح الجامع): من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة، وليس عند أصحاب عكرمة هذا؟ فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن إسحاق، فوضعت هذا الحديث حِسبةً. (2)
    وقال السيوطي (ت911هـ): «أما الحديث الطويل في فضائل القرآن سورة سورة، فإنه موضوع. (3)
    وروى ابن حبان في مقدمة تاريخ الضعفاء عن ابن مهدي قال: «قلت لميسرة بن عبد ربه: من أين جئت بهذه الأحاديث (من قرأ كذا فله كذا)؟ قال: وضعتُها أرغِّب الناس فيها. (4)

من الأحاديث الواردة في فضائل سور القرآن وآياته:

عن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَرْفُوعًا قال:
“‌مَا ‌أَنْزَلَ ‌اللهُ ‌فِي ‌التَّوْرَاةِ، وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ مِثْلَ أُمِّ الْقُرْآنِ،
وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي، وَهِيَ مَقْسُومَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ”. (5)
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
” قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ‌تَعْدِلُ ‌ثُلُثَ ‌الْقُرْآنِ “ (6)
وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
“مَنْ قَرَأَ الْآيَتَيْنِ مِنْ آخَرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ”(7)
ومِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ:
“مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ” (8)
وعن ‌أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“مَنْ قَرَأَ حم الدُّخَانِ فِي لَيْلَةٍ أَصْبَحَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ”. (9)
عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ الْمُسَبِّحَاتِ كُلَّ لَيْلَةٍ قَبْلَ أَنْ يَرْقُدَ وَيَقُولُ:
“فِيهِنَّ آيَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ آيَةٍ”. (10)
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا قَوْلُهُ: {هُوَ الأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.}. (11)

 

وأخيراً:

إذا كنا نتحدث عن فضائل بعض سور القرآن وآياته، فما ينبغي أن ننسى بأن القرآن هو آية الله الكبرى، والمعجزة الإلهية الخالدة، الدالة على حقّيّة نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد تحدّى الله به الإنس والجن،
فقال عزّ من قائل:
﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ ‌عَلَى ‌أَنْ ‌يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ [الإسراء: 88]،
وأنه كتاب هداية العالم كله إلى الطريق الأقوم، والمرشد لسعادة الدنيا والآخرة،
قال تعالى: (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة:2]
وقال عز وجل:﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي ‌لِلَّتِي ‌هِيَ ‌أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9]
كما أن القرآن علاج آفات الأفراد والمجتمعات
قال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ‌مَا ‌هُوَ ‌شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82]
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


(1):ينظر: الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (4/120)؛ المحرر في علوم القرآن د. مساعد الطيار ص193.
(2):ينظر: المدخل إلى كتاب الإكليل للحاكم النيسابوري ص54؛ البرهان في علوم القرآن للزركشي (1/432).
(3):الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (4/134).
(4): الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (4/134).
(5): مسند أحمد (21094)؛ سنن الترمذي (3125).
(6):صحيح مسلم (812).
(7): مسند أحمد (17100).
(8): مسند أحمد (17106).
(9):سنن الترمذي (2888).
(10):سنن الترمذي (2921).
(11):ينظر: الإتقان للسيوطي (4/130).