هل النوم كل النهار يبطل الصوم؟

يجيب عن السؤال الشيخ د. محمد فايز عوض


السؤال

هل النوم كل النهار يبطل الصوم؟


الجواب

باسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فمما لا شك فيه أن شهر رمضان فرصة عظيمة للمسلم للمسارعة إلى الخيرات والمبرات واغتنام الأوقات والساعات بما يرضي الله سبحانه كما قال تعالى ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ[سورة آل عمران: 133].

ولا شك أن ثواب الصائم على قدر مشقته في الصوم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة رضي الله عنها: «إِنَّ لَكِ مِنَ الْأَجْرِ عَلَى قَدْرِ نَصَبِكِ وَنَفَقَتِكِ» [1]

      لكن لو أن إنساناً نام في نهار رمضان جميع النهار وكان قد نوى من الليل أنه سيصوم غداً، فصومه صحيح؛ لأن النائم يستشعر الجوع والعطش ويستشعر من حوله، ولو أيقظته استيقظ، ومن باب أولى إذا نام بعض النهار، فإنه لا شيء عليه.

      وقد صرح بهذا كثير من الفقهاء رضي الله عنهم:

– قال الإمام النووي رحمه الله “إذَا نَامَ جَمِيعَ النَّهَارِ وَكَانَ قَدْ نَوَى مِنْ اللَّيْلِ صَحَّ صَوْمُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ” [النووي، المجموع] [2].
– كما يقول الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله “وَلَا يَضُرُّ اسْتِغْرَاقُ النَّهَارِ بِالنَّوْمِ” لِبَقَاءِ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ مَعَهُ إذْ النَّائِمُ يَتَنَبَّهُ إذَا نُبِّهَ وَلِهَذَا يَجِبُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ بِالنَّوْمِ دُونَ الْفَائِتَةِ بِالْإِغْمَاءِ” [السنيكي، أسنى المطالب] [3].
– كذا يقول الخطيب الشربيني “(وَلَا يَضُرُّ النَّوْمُ الْمُسْتَغْرِقُ) لِجَمِيعِ النَّهَارِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِبَقَاءِ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ” [الشربيني، مغني المحتاج] [4].

      فينبغي للصائم أن يشتغل بالصلاة والذكر والدعاء وقراءة القرآن الكريم حتى يجمع في صيامه عبادات شتى، والإنسان إذا عوَّد نفسه ومرنها على أعمال العبادة في حال الصيام سهل عليه ذلك،
وإذا عوَّد نفسه الكسل والخمول والراحة صار لا يألف إلا ذلك وصعبت عليه العبادات والأعمال في حال الصيام.

وفقنا الله لاغتنام ساعات هذا الشهر الكريم و قبول أعمالنا فيه إنه سميع مجيب.


تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ د. محمد فايز عوض، وراجعها الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب.


أ. د. محمد فايز عوض عالم إسلامي من علماء سورية، حائز على شهادة الدكتوراه في أصول الفقه من الجامعة الإسلامية في باكستان. له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.
درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق، وكذا جامعة السلطان محمد الفاتح في تركيا إلى الآن..
عضو رابطة علماء الشام، مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، رابطة العلماء السوريين، والمجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..
من مشايخه الذين قرأ عليهم: والده الشيخ محمد عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، والشيخ ممدوح جنيد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين (1739). سنن الدارقطني (2728).
[2] النووي، المجموع شرح المهذب 6/ 346.
[3] زكريا زين الدين أبو يحيى السنيكي، أسنى المطالب في شرح روض الطالب 1/ 418.
[4] محمد الخطيب الشربيني، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج 2/ 162.