متى تغتسل المرأة من الحيض وتبدأ بالصلاة؟

يجيب عن السؤال الشيخ د. محمد محمد فايز عوض

السؤال

متى تغتسل المرأة من الحيض وتبدأ بالصلاة؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:

فإن الحيض وهو  دم جبلة ـ أي خلقة وطبيعة ـ تقتضيه الطباع السليمة يخرج من أقصى رحم المرأة بعد بلوغها على سبيل الصحة، في أوقات معلومة مدته محدودة بانقطاع الدم،

      ووجوب الغسل يكون بأحد أمرين:

1- انقطاع الدم :
      فعندما ينقطع دم الحيض يخرج ماء أبيض يسمى القصة البيضاء، فإذا رأت المرأة هذه القصة البيضاء فعليها أن تغتسل وتصلي وتفعل ما تفعله المرأة الطاهرة،
يدل لذلك ما رواه البخاري ومالك: أن عائشة رضي الله عنها كانت تبعث إليها النساء بِالدُّرْجَةِ (اللِّفَافَةِ) فِيهَا الْكُرْسُفُ (الْقُطْنُ) فيها الصُّفْرَة والكدْرَة فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء. [1]
والمعنى (لَا تَغْتَسِلَنَّ مِنَ الْمَحِيضِ حَتَّى تَرَيْنَ الْقصَّةَ الْبَيْضَاءَ هُوَ أَنْ تَخْرُجَ الْقُطْنَةُ أَوِ الْخِرْقَةُ الَّتِي تَحْتَشِي بِهَا الْحَائِضُ كَأَنَّهَا قَصَّةٌ بَيْضَاءُ لَا يُخَالِطُهَا صُفْرَةٌ.   وَقِيلَ: الْقصَّةُ شَيْءٌ كَالْخَيْطِ الْأَبْيَضِ يَخْرُجُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ كُلِّهِ)

      ودليل أن الحيض يوجب الغسل: القرآن والسنة.
أما القرآن: فقوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة:  222].

وأما السنة: فقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنهما: «فَإذَا أَقبَلَتْ الحَيضَةُ فَدَعِي الصَّلاةَ، وَإذَا أَدبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنكِ الدَّمَ وَصَلِّيْ»[2]

      عَلامَةُ الطُّهْرِ:
      الطُّهْرُ مِنَ الْحَيْضِ يَتَحَقَّقُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا انْقِطَاعِ الدَّمِ، أَوْ رُؤْيَةِ الْقَصَّةِ.
وَالْمَقْصُودُ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ الْجَفَافُ بِحَيْثُ تَخْرُجُ الْخِرْقَةُ غَيْرَ مُلَوَّثَةٍ بِدَمٍ، أَوْ كُدْرَةٍ، أَوْ صُفْرَةٍ. فَتَكُونُ جَافَّةً مِنْ كُلِّ ذَلِكَ، وَلا يَضُرُّ بَلَلُهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ رُطُوبَةِ الْفَرْجِ.

وَالْقَصَّةُ مَاءٌ أَبْيَضُ يَخْرُجُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ يَأْتِي فِي آخِرِ الْحَيْضِ.


2- مجاوزة دم الحيض أكثر مدته أي خمسة عشر يوماً، فتغتسل وتصلي
      لأن دم الاستحاضة دم عِلّة ومرض يخرج من عرق من أدنى الرحم، وهذا الدم ينقض الوضوء، ولا يوجب الغسل، ولا يوجب ترك الصلاة ولا الصوم، فالمستحاضة تغسل الدم، وتربط على موضعه، وتتوضأ لكل فرض، وتصلي.
      روى أبو داود وغيره عن فاطمة بنت أبي حبيش: أنها كانت تستحاض، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «إذَا كَانَ دَمُ الحَيضَةِ فَإنَّهُ دَمٌ أَسوَدٌ يُعرَف، فَإذَا كَانَ ذَلكَ فَأَمْسِكِيْ عَنِ الصَّلاةِ، فَإذَا كَانَ الآخَرَ فَتَوَضَّئِيْ وَصَلِّيْ، فَإِنَّمَا هُو عِرْقٌ». [3]
[يعرف: يعرفه النساء عادة. عرق: أي ينزف. الآخر: الذي ليست صفته كذلك].

      يقول النووي في المجموع “وَقَالَ أَصْحَابُنَا : وَإِذَا مَضَى زَمَنُ حَيْضِهَا لَزِمَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ فِي الْحَالِ لأَوَّلِ صَلاةٍ تُدْرِكُهَا , وَلا يَجُوزُ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ تَتْرُكَ صَوْمًا وَلا صَلاةً وَلا تُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ وَلا غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَثْبُتُ فِي حَقِّ الطَّاهِرِ” [4]

      وعليه إذا انقطع الدم تماماً بإحدى العلامتين السابقتين و جب على المرأة الاغتسال من الحيض و حل لها ما كان يحرم عليها من صلاة وطواف وجماع وغير ذلك .
      والواجب على المرأة الاهتمام بمعرفة بداية رؤية الدم و انقطاعه للحكم عليه  أهو حيض أم استحاضة إذ لا يُعرف ذلك إلا بعدد أيام الحيض و بالتالي يكون غسلها من الحيض مجزئاً.


[1] صحيح البخاري (228). موطأ الإمام مالك (189).
[2] صحيح البخاري (226). صحيح مسلم (333).
[3] سنن أبي داود (268).
[4] المجموع شرح المهذب 2/ 543.