ما هي الأعذار التي يجوز معها الفطر للصائم ؟

يجيب عن السؤال  الشيخ  محمد فايز عوض

السؤال

ما هي الأعذار التي يجوز معها الفطر للصائم ؟

الجواب

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
فإن رَفْعَ الحرج وعدم إلحاق الضرر والمشقة بالمُكَلَّف من المقاصد الأساسية التي راعتها الشريعة الإسلامية، وتظافرت عليها أدلة الكتاب والسنة، وفي ذلك يقول تعالى: )يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡيُسۡرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ([البقرة:185]، ويقول سبحانه: )يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمۡۚ( [النساء:28] ويقول عز وجل: )وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ( [الحج:87]،
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ»([1]) .
وقد قرر أهل العلم استناداً إلى هذه النصوص عدداً من القواعد الفقهية، التي تفيد رفع الحرج وإزالة الضرر والمشقة عن المكلف؛ من ذلك قولهم: (المشقة تجلب التيسير)، وقولهم: (الضرر مدفوع شرعاً)، وقولهم: (الأمر إذا ضاق اتسع)، ونحو ذلك مما أصَّله الفقهاء في قواعدهم الفقهية.
وقد ذكر سبحانه و تعالى عُذرَين في آيات الصيام، فقال الله جل وعلا: )فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ( [البقرة:184]، و هما السفر والمرض،
وقد أشارت الآيات إلى معنىً ثالث أيضاً من الأعذار وهو: عدم القدرة في قول الله جل وعلا: )وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ( [البقرة:184]،

إذا الأعذار المبيحة للإفطار هي:

1) المرض الذي يسبب لصاحبه ضرراَ شديداً، أو ألماً أو انزعاجاً شديدين. أما إن اشتد المرض أو الألم بحيث خشي معه على نفسه الهلاك وجب الفطر عندئذ.
2) الحمل والرضاعة اتفق الفقهاء على أنه يباح للحامل والمرضع الإفطار إذا خافتا على نفسيهما، أو ولديهما؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحبلى والمرضع الصوم»([2]) ويجب عليهما قضاء ما أفطرتا من أيام أُخَر، حين يتيسر لهما ذلك، ويجب التنبه هنا أن مجرد الحمل والرضاعة لا يبيحان الفطر في رمضان، وإنما الذي يبيح الفطر هو خوف الحامل والمرضع على نفسها أو ولدها.
3) السفر الطويل الذي لا يقل عن 83 كم بشرط أن يكون سفراً مباحاً، وبشرط أن يستغرق السفر سائر اليوم.
أما إن أصبح صائماً وهو مقيم، ثم أحدث سفراً أثناء النهار لم يجز الإفطار.
4) العجز عن الصيام: فلا يجب الصوم على من لا يطيقه لكبر، أو مرض لا يرجى برؤه، لأن الصوم إنما يجب على من يقدر عليه.

ودليل ذلك قوله تعالى )وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ( [البقرة:184].
وقرئ: (يُطوَّقُونَهُ) أي يكلفونه فلا يطيقونه.([3])
عَنْ عَطَاءٍ أنه سَمِـعَ ابـْنَ عَـبَّاسٍ يَقْرَأُ: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ، هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ، وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ، لَا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا، فَلْيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا([4]) .
وبهذا يتبين لنا عظمة شريعتنا و بلوغها غاية الكمال كيف لا و هي تنزيل من حكيم حميد فحري بالمسلم التزامها و السير على خطاها لنفوز برضا المولى تبارك وتعالى
فالحمد لله على نعمة الصيام و نعمة التخفيف عن عباده إنه حكيم خبير،بر رحيم

([1]) ابن خزيمة (950) وابن حبان (2742) وأحمد (5971) وابن أبي شيبة (27003)
([2]) ابن خزيمة (2042) وأبو داود (2408) والترمذي (715)
([3]) الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى 2/80
([4]) البخاري(4505)

[الشيخ] محمد فايز عوض

هو الشيخ الدكتور محمد فايز عوض  من مواليد دمشق – سوريا 1965 

درس العلوم الشرعية في مساجد دمشق و معاهدها 

خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1985

حائز على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية بهاولبور  في باكستان. 

له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.

درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق، 

مدرس في  جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في اسطنول للعديد من المواد العربية و الشرعية

مدرس في عدد من المعاهد الشرعية في اسطنبول 

عضو رابطة علماء الشام، عضو مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، عضو رابطة العلماء السوريين، عضو المجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..

من مشايخه الذين قرأ عليهم:

 والده الشيخ محمد محيي الدين عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، و الشيخ أحمد القلاش ، و الشيخ محمد عوامة ، والشيخ ممدوح جنيد.