ما هي أوصاف المذي و ما هو حكمه و هل علي أن أغتسل كلما خرج مني؟

 يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

ما هي أوصاف المذي و ما هو حكمه و هل علي أن أغتسل كلما خرج مني؟

الجواب

الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا رسول الله ، و بعد :

المذي هو : ماء أبيض ، رقيق ، لَزِجٌ ،يَخْرُجُ عِنْدَ شَهْوَةٍ، لَا بِشَهْوَةٍ وَلَا دَفْقٍ وَلَا يَعْقُبُهُ فُتُورٌ وَرُبَّمَا لَا يُحَسُّ بِخُرُوجِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَهُوَ فِي النِّسَاءِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الرِّجَالِ . (1)
و حكمه كحكم البول ،فهو نجس و ينقض الوضوء فقط ، و لا يحتاج إلى الاغتسال.

التفصيل و البيان

هذا السؤال يتعلق بمسألة من مسائل أحكام الطهارة والنجاسات التي قد تطرأ على البدن أو الثوب، ويلزم غسلها. ولنتعرّف على المذي الوارد في السؤال و حكمه؛ نذكر أولاً تعريف العلماء له :

فالمذي هو : ماء أبيض، رقيق، لَزِجٌ : أي هو ماء سائل شفاف لزج يخرج من القُبل عند المرأة و الرجل.
يَخْرُجُ عِنْدَ شَهْوَةٍ، لَا بِشَهْوَةٍ : أي يخرج بعد وجود ما يثير الشهوة عند الإنسان من مداعبة أو نظر أو فكر ، و لكن لا يشعر الإنسان بلذةٍ أثناء خروجه.
وَلَا دَفْقٍ : أي لا يخرج بتدفق دفعةً دفعة كالمني .
وَلَا يَعْقُبُهُ فُتُورٌ ، وَرُبَّمَا لَا يُحَسُّ بِخُرُوجِهِ : أي لا يشعر الإنسان بعد خروجه بالارتخاء أو انطفاء الشهوة كما هو الحال بعد خروج المني .
وَيَكُونُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَهُوَ فِي النِّسَاءِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الرِّجَالِ .

و أما حكمه: فهو نجس اتفاقاً، ويجب الوضوء منه فقط لا الغُسل، باتفاق العلماء، ويجب غسل ما أصاب البدن والثياب منه.. فحكمه كحكم البول.

فعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: ” كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَأَمَرْتُ رَجُلًا أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ؛ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ، فَسَأَلَ، فَقَالَ: «تَوَضَّأْ، وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ» متفق عليه (2) ، و هذا لفظ البخاري

و في رواية مسلم قال: كنتُ رجلًا مذَّاءً، وكنتُ أستحيِي أنْ أسألَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لِمكانِ ابنَتِه، فأمرتُ المِقدادَ بنَ الأسودِ، فسأَلَه، فقال: يَغسِلُ ذَكَرَه ويتوضَّأُ ”

يقول القاضي أبو شجاع في كتابه غاية الاختصار:”و كلُّ مائعٍ خرج من السبيلين نجسٌ إلا المني”(3)

و يقول الإمام النووي :( وَأَمَّا حُكْمُ خُرُوجِ الْمَذْيِ فَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْجَمَاهِيرُ يُوجِبُ الْوُضُوءَ لِهَذَا الْحَدِيثِ … ، وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَنَّهُ لَا يُوجِبَ الْغُسْلَ وَأَنَّهُ يُوجِبُ الْوُضُوءَ وَأَنَّهُ نَجَسٌ وَلِهَذَا أَوْجَبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَسْلَ الذَّكَرِ ، وَالْمُرَادُ بِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْجَمَاهِيرِ غَسْلُ مَا أَصَابَهُ الْمَذْيُ لَا غَسْلُ جَمِيعِ الذَّكَرِ وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُمَا إِيجَابُ غَسْلِ جَمِيعِ الذَّكَرِ ،والله أعلم ) (4)

و بناءً على ما سبق :
فإذا خرج منك المذي على الأوصاف التي ذكرناه في التفصيل ؛ فعند ذلك يجب عليك أن تغسل المكان الذي أصابه المذي سواء في الجسم أو اللباس ، ثم يجب الوضوء فقط إذا أردت أن تصلي و لا يحتاج إلى الاغتسال . و الله أعلم

المراجع و المصادر :

  1. شرح صحيح مسلم للإمام النووي [ 3\213]  .
  2.  صحيح البخاري الطبعة السلطانية ، رقم الحديث ( 269 )   [ 1\62]
  3. و صحيح مسلم الطبعة التركية ،رقم الحديث ( 303 ) ،  [ 1\169]
  4.  كتاب القول المختار في شرح غاية الاختصار المسمى : شرح ابن قاسم الغزي صفحة 47
  5. شرح صحيح مسلم للنووي  [ 3\213-212] ، دار إحياء التراث العربي – بيروت، ط2،

الهوامش:

  1. القاضي حسين، التعليقة: 2/ 874.
  2. الحديث أخرجه البزار،  كما في [مجمع الزوائد] للهيثمي: 1/ 552، وقال: “رواه الطبرانيّ في [الكبير]، والبزار بنحوه، ورجاله رجال الصحيح”.
  3. الترمذي، السنن: 4/ 249، حديث رقم 2518.
  4. ابن رسلان، شرح سنن أبي داود: 2/ 205.

[الشيخ] عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.

عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ