ما هي أحكام العورة (مناطق العورة)؟ (شافعي)

يجيب عن السؤال الشيخ أحمد الأحمد

السؤال

ما هي أحكام العورة (مناطق العورة)؟

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد؛

(أ) معنى العورة:

يقصد بكلمة العورة شرعًا: كل ما يجب ستره أو يحرم النظر إليه.

(ب) حدود العورة في الصلاة:

حدودها بالنسبة للرجل:

ما بين السرَّة والركبة، فيجب ألا يبدو شيء منه في الصلاة ولو لم يره أحد.

وحدودها بالنسبة للمرأة:

كل البدن ما عدا الوجه والكفَّين، قال الله تعالى: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف: 31]  قال ابن عباس رضي الله عنهما: (المراد به الثياب في الصلاة) [1].

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ الحَائِضِ إِلَّا بِخِمَارٍ». [2] رواه الترمذي وحسَّنه.

والحائض: من بلغت سن الحيض. والخمار: ما تغطي به المرأة رأسها، وإذا وجب ستر الرأس فَسَتْرُ سائر البدن أولى].

(ج) حدود العورة خارج الصلاة:

– حدود عورة الرجل

ما بين السرَّة والركبة بالنسبة لمحارمه النساء وكذا الرجال، محارم أو غير محارم، أما عند النساء الأجنبيات فما عدا الوجه والكفين على المعتمد [3].

أي لا يجوز للنساء الأجنبيات أن ينظرن إلى ماعدا وجه الرجل الأجنبي وكفيه، فإن كان النظر بشهوة حرم بالنسبة للوجه أيضًا، قال تعالى: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ [النور: 31]

– وحدود عورة المرأة:

عند النساء المسلمات ما بين سرتها وركبتها. أما عند النساء الكافرات، فما عدا الذي يظهر منها لضرورة القيام إلى عمل ما كخدمة البيت ونحوه.

– وأما عند الرجال المحارم:

فما بين السرة والركبة، أي فيجوز لها أن تبدي سائر أطراف جسمها أمامهم بشرط أمن الفتنة وإلا فلا يجوز ذلك أيضًا.

قال تعالى: ﴿وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ [النور: 31]

وفسرت الزينة بمواضعها فوق السرة أو تحت الركبة، (بعولتهن: أزواجهن. نسائهن: النساء المسلمات).

– وأما عند الرجال الأجانب
فجميعها عورة، فلا يجوز لها أن تكشف شيئاً من بدنها أمامهم إلا لعذر، كما لا يجوز لهم أن ينظروا إليها إن كشفت شيئاً من ذلك، قال تعالى: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ [النور: 30]

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: “لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر، فيشهد معه نساء من المؤمنات، ملتفعات في مروطهن، ثم يرجعن إلى بيتهن، ما يعرفهن أحد”. [4] رواه البخاري،

(ملتفعات في مروطهن: متلففات بأكسيتهن، واللفاع: ثوب يجلل به الجسد كله).

وفي المذهب الحنفي يجوز نظر الرجل إلى الوجه والكفين من المرأة الأجنبية عند أمن الفتنة

      • أما حالات جواز كشف العورة والنظر إليها لعذر:

 – عند الخطبة لأجل النكاح، فيجوز النظر إلى الوجه والكفين.

– النظر للشهادة أو المعاملة، فيجوز النظر إلى الوجه خاصة، إذا كانت هناك حاجة لمعرفة تلك المرأة، ولم تعرف دون النظر إليها.

 – من أجل التطبيب والمداواة، فيجوز كشف العورة والنظر إليها بقدر الحاجة، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: “أن أم سلمة رضي الله عنها استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجامة، “فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا طيبة أن يحجمها”. [5] رواه مسلم.

ويشترط أن يكون ذلك بوجود محرم أو زوج، وألا توجد امرأة تعالجها، وإذا وجد المسلم أو المسلمة لا يعدل إلى غيرهما. [6].

ملاحظة:

على المسلم أن يحتاط لأمر دينه ما استطاع قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ» [7] رواه البخاري ومسلم.

وليحذر الجنسان من النظر بشهوة وليكن في البال أن لذة المعصية تزول في الحال بينما معرة وعقوبة المعصية تبقى.

أخي السائل وأختي السائلة يجب على الرجل والمرأة المحافظة على ستر العورة لأن النظر إليها يثير الشهوة المؤدية إلى الفاحشة، قال الشاعر:

نَـظْـرَةٌ فَـابْـتِـسَامَةٌ فَـسَلَامٌ    ***   فَكَــــلَامٌ فَمَـوْعِــــدٌ فَلِــقَـاءُ.



تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ أحمد الأحمد، وراجعها الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب.

 

الشيخ أحمد الأحمد عالم إسلامي من علماء سورية، حائز على شهادة معهد الفتح الإسلامي للعلوم الإسلامية والعربية في دمشق، وليسانس في اللغة العربية من جامعة الأزهر، ودبلوم تأهيل تربوي من جامعة دمشق، ودبلوم لغة عربية من جامعة دمشق، والماجستير في العقيدة من جامعة بيروت الإسلامية (دائرة الفتوى).
تتلمذ على أكابر علماء الشام ومشايخها: كالشيخ عبد الرزاق الحلبي، والشيخ محمد أديب الكلاس، والعارف بالله محمود الشقفة رحمهم الله.
درّس علوماً شتى بين شرعية ولغة عربية، ولديه خبرة واسعة في الإرشاد والتوجيه. يقوم بالتدريس في دار الفقهاء تركية، ويدرّس في معاهد محمود أفندي في إستانبول، ويدرس في معهد الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان للعلوم الشرعية والعربية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] مغني المحتاج: 1/ 184.
[2] رواه الترمذي (277) وحسَّنه.
[3] الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي للدكتور مُصطفى الخِنْ، وإخوانه. 1/ 125
[4] صحيح البخاري (365).
[5] صحيح مسلم (2206).
[6] الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي للدكتور مُصطفى الخِنْ، وإخوانه. 4/ 49.

[7] صحيح البخاري ومسلم.