ما هي آداب و سنن يوم الجمعة ؟

 يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع الياقتي  

السؤال

ما هي آداب و سنن يوم الجمعة ؟

الجواب

 

الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله و صحبه و من والاه، و بعد :سنّ الله تعالى و نبيه صلى الله عليه و سلم لنا في يوم الجمعة سنناً و أحكاماً خاصة، منها :

الغسل و التزيين و لبس أفضل الثياب و التطيب و السواك ، وإزالة  الظفر والشعر ونحوهما ، و الإكثار من الدعاء في يومها و ليلتها، و الإكثار من الذكر و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم كذلك يومها وليلتها ، و قراء سورة الكهف ، بالإضافة إلى تشريع أمرٍ عظيم و هو خطبة و صلاة الجمعة فيه، و التبكير إليها و الإنصات فيها و حرَّم البيع و الشراء وقت الخطبة، و كذلك كل ما يشغل عن الحضور إليها و غير ذلك من السنن و الآداب و الأحكام ، و الله أعلم

 

التفصيل والبيان:

 

خص الشرع يوم الجمعة بخصائص ليست لغيره من الأيام لفضيلته، و لكونه عيداً للمسلمين، و سن له و لخطبة الجمعة سنناً و أحكاماً خاصة، و رتب على ذلك الأجر العظيم و الثواب الكبير
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الجمعة 9]
و عَنْ ‌أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ ».(1)
و عن أبي هريرة – رضي الله عنه -أنَّ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ تَوضأ فَأحْسَنَ الوُضُوءَ، ثم أتى الجمعةَ، فاستمع وأنصتَ، غُفِرَ لَه ما بينهُ وبين الجمعة، وزيادةُ ثلاثة أيام، ومن مس الحصا فقد لَغَا» . وفي رواية قال: «من اغتسل، ثم أتى الجمعةَ، فصلَّى ما قُدِّرَ له، ثم أنصتَ حتى يَفْرُغَ الإِمام من خطبته، ثم صلَّى معه، غُفِرَ له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضلُ ثلاثة أيام»(2) .و قد عقد الإمام النووي – في كتابه رياض الصالحين – باباً مستقلاً ، ذكر فيه آداب و سنن يوم الجمعة، فقال: باب فضل يوم الجمعة ووجوبها والاغتسال لَهَا والطّيب والتبكير إِلَيْهَا والدعاء يوم الجمعة والصلاة عَلَى النبي – صلى الله عليه وسلم – وفِيهِ بيان ساعة الإجابة واستحباب إكثار ذكر الله تعالى بعد الجمعة (3)

 

– بعد هذه المقدمة المهمة نعود إلى السؤال و نذكر أهم الآداب و السنن ليوم الجمعة :

 

1 – الغُسل: للأحاديث السابقة، ولحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ  الله عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه و سلم، قَالَ:( مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَة، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَة، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشاً أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَة، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَة، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتِ الْـمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ ) (4) متفق عليه

2 – التزين بأحسن الثياب و خاصة الأبيض منها؛ لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أن رَسُولُ الله صلى الله عليه و سلم قال:(الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ؛ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ)(5).

3 – التطيب، وإزالة  الظفر والشعر ونحوهما: فعن أبي هريرة رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يُقَلِّم أظفاره ويقص شاربه يوم الجمعة قبل أن يخرج إلى الصلاة )(6).

4 – الإكثار من الدعاء يومها وليلتها: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه و سلم ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ:” فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا “(7).

5 – الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم يومها وليلتها: فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ” أكثروا الصلاة عَلَيَّ يَومَ الجُمُعة ولَيلةَ الجُمُعة، فَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ صلاة صلَّى الله عليه وسلم عَشْرَاً “(8)

6 – الإكثار من قراءة الكهف يومها وليلتها: فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ” من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجُمُعتين “(9).
وعنه رضي الله عنه أيضاً أنه صلى الله عليه و سلم قال: ” مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ “(10)

 

بناءً على ما سبق :

 

يوم الجمعة هو يوم مبارك و عظيم ، و هو عيد المسلمين؛ فينبغي عليك -أخي المؤمن- أن تحرص فيه على تطبيق السنن و الآداب التي ذكرناها ، و أن تظهر فيه الفرح و السرور، و تغتنم كل ساعاته و لحظاته بالدعاء و الذكر و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم، مع الحرص على أداء صلاة الجمعة مع آدابها و سننها، و بذلك تدرك إن شاء الله الفضل و الأجر العظيم الذي بينته لنا الأحاديث الشريفة و الله أعلم.

 

 

 

 

المصادر و المراجع :
1- صحيح مسلم رقم (854) [3\6]
2 – صحيح مسلم : رقم الحديث (857) ،[3\8]
3- كتاب رياض الصالحين للإمام النووي ، مؤسسة الرسالة (ط 19) صفحة (460)
4- رواه البخاري،(841) –ومسلم، (850)
5- رواه أبو داود، (3878)–والترمذي، (994) و غيرهما
6- رواه الهيثمي واللفظ له، مجمع الزوائد،  (2/170)، والطبراني في المعجم الأوسط (1/257) (842)
7- رواه البخاري، (893) _ ومسلم، (852)
8- رواه البيهقي في السنن الكبرى، (3/249) (5790)
9- رواه البيهقي في السنن الكبرى، (3/249) (5792)
10- رواه الدارمي، (3407)