ما معنى الوحي النفسي ولماذا قال بعض الأكاديميين في الغرب به عن النبي ﷺ وكيف الرد عليهم؟

يجيب عن السؤال الشيخ  أنس الموسى

السؤال

ما معنى الوحي النفسي ولماذا قال بعض الأكاديميين في الغرب به عن النبي ﷺ وكيف الرد عليهم؟

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى ىله وصحبه أجمعين، وبعد:
الطاعنون بالقرآن ما فتئوا مذ نزل القرآن إلى يومنا هذا حائرين في نَسَب هذا القرآن، لا يدرون أينسبونه إلى تعليم البشر، أم يَرجعون به إلى نفس صاحبه؟ ولقد وصف حالهم ربنا سبحانه وتعالى حين قال: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا ‌يُعَلِّمُهُ ‌بَشَرٌ﴾ [النحل: 103]
وما يزال المشككون يحاولون النيل من كتاب الله تعالى، بإثارة الشبهة وراء الشبهة إلى يوم الناس هذا، وما يزال القرآن الكريم صامداً أمامها يحطمها ولا يذر لها أثراً؛ مصداق قول الله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ ‌لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9]، وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 37].
أما القائلون بالوحي النفسي: فيزعمون أن الوحي الذى جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما هو إلاَّ إلهامٌ كان يفيض من نفس النبي المُوحى إليه لا من الخارج؛ فهو أمر ذاتي من داخل نفسه الصافية، وخياله الواسع، وعقله المتوقِّد الذى أدرك به الحق من الباطل، والحَسن من القبيح، والخير من الشر، وأن الوحي الذي ادعاه مبني على وجود معلومات وأفكار مدخرة في عقله الباطن، وأنها ظهرت في صورة رؤى ثم قويت حتى خيِّل للنبي أنها حقائق خارجية.
ويقول أصحاب هذه الشبهة: نحن لا نشكّ في صدق محمد في خبره عما رأى وسمع، وإنما نقول: إنّ منبع ذلك من نفسه، وليس فيه شيء جاء من عالَم الغيب، فإنّ هذا (الغيب) شيء لم يثبت عندنا وجوده، كما أنّه لم يثبت عندنا ما ينفيه ويُلحقُه بالمحال، وإنما تفسير الظواهر غير المعتادة يكون بما عرفنا وثبت عندنا دون ما لم يثبت. (1)
فالنبوة عند القائلين بالوحي النفسي أمر طبيعي يكتسبه الإنسان أو يطوره بالممارسة والمجاهدة وليس هناك جهة خارجية عنه.
ولقد اهتم المستشرقون وأذنابهم من الأكاديمين وأمثالهم بشبهة ‌الوحي ‌النفسي؛ ليقطعوا صلة الإسلام والقرآن بالله تعالى.
يقول المستشرق “درمنغم”: “وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم يقضي ساعات طويلة جافيًا في أطلال الغار، أو متقلباً تحت وهج الشمس، وسائرًا بخطى واسعة في الشعاب، وكان كلما سار خيِّل إليه أن أصواتا تخرج من الحجارة … ثم قال: هذه الكواكب تكون في ليالي صيف الصحراء من الكثرة وشدة النور ما يخيل معه أنه يسمع صوتا لِلَمَعَانِهَا كما يسمع صوت نارَ مَوقدٍ كبير” . (2)
ويقول المستشرق “لوثروب ستودارد”: “كان محمد أميًّا لا يقرأ ولا يكتب، ولم يكن فيلسوفًا، ولكنه لم يزل يفكر في هذا الأمر إلى أن تكونت في نفسه بطريق الكشف التدريجي المستمر عقيدة كان يراها الكفيلة بالقضاء على الوثنية”. (3)
ويترتب على القول بالوحي النفسي جملة من الأمور منها: 
أ- إنكار اللوح المحفوظ الذي فيه كلام الله تعالى، والذي يقول الله تعالى فيه: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي ‌لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾ [البروج: 21-22].
ب- وفيه إنكار لبيت العزة الذي نزل فيه القرآن جملة واحدة في ليلة القدر. كما جاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] قَالَ: «أُنْزِلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ‌حَتَّى، ‌وُضِعَ ‌فِي ‌بَيْتِ ‌الْعِزَّةِ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَنَزَّلَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَوَابِ كَلَامِ الْعِبَادِ، وَأَعْمَالِهِمْ” (4)
ج- وفيه إنكارٌ لدور جبريل الأمين الذي كان واسطة بين الله ورسله عليهم السلام، كما وصف ربنا: ﴿نَزَلَ بِهِ ‌الرُّوحُ ‌الْأَمِينُ *عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾ [الشعراء: 193-194] ﴿قُلْ نَزَّلَهُ ‌رُوحُ ‌الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ [النحل: 102]  والرّوح الأمين هو روح القدس، وهو جبريل عليه السّلام، كما قال تعالى: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا ‌لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 97]
د- وفيه إنكار لحقيقة قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ}[الشورى: 51]، وقول الله تعالى: {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} [النجم: 12-15] وقول الله تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} [الحاقة: 44 – 46]
هـ- كما أن فيها إنكاراً لأحاديث ثابتة، وبعضها في أصح كتب السنة منها: ما روته السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ، فَيُفْصَمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا ‌يَتَمَثَّلُ ‌لِي ‌الْمَلَكُ ‌رَجُلًا، ‌فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ”. قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ، فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ ليتفصد عرقاً”. (5)
وردّاً لحديث جبريل الذي كان يأتي بالوحي للنبي صلى الله عليه وسلم؛ كما في الحديث الذي رواه عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله تعالى عنه، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ ‌طَلَعَ ‌عَلَيْنَا ‌رَجُلٌ ‌شَدِيدُ ‌بَيَاضِ ‌الثِّيَابِ. شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ. لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ. وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ. حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ…. قَالَ ثُمَّ انْطَلَقَ. فَلَبِثْتُ مَلِيًّا. ثُمَّ قَالَ لِي: “يَا عُمَرُ! أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟ ” قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: “فَإِنَّهُ جبريل أتاكم يعلمكم دينكم”. (6)
ط- ويترتب عليها أيضاً رداً للآيات التي نزلت في حق الأنبياء والمرسلين، ومنها قول الله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}[النساء:164] بالإضافة لأمور أخرى ستظهر ونحن نرد على الشبهة بالتفصيل.
 السبب الذي دفع الناس للقول بالوحي النفسي بالإضافة لحقدهم على الإسلام وكتابه ورسوله، هو جهلهم بحقيقة الوحي؛ لذلك لابد أولاً وقبل ذكر الأدلة على بطلان هذه الشبهة من بيان معنى الوحي وذكر الأدلة على إمكان وقوعه.
الوحي في اللغة: قال الجوهري: “الوَحْيُ الكتاب، جمعه وُحِيٌّ، مثل حَلْيٍ وحُلِيٍّ … والوحي أيضًا الإشارة والكتابة والرسالة والإلهام والكلام الخفي، وكل ما ألقيته إلى غيرك. يقال: وَحيتُ له الكلام وأوحيت، وهو أن تكلمه بكلام تخفيه …. وأوحى الله إلى أنبيائه، ووحى: أي أشار”. (7)
و”أصل الوحي الإشارة السريعة، وذلك يكون بالكلام على سبيل الرمز والتعريض، وقد يكون بصوت مجرد عن التركيب، وبإشارة بعض الجوارح، وبالكتابة”. (8)
إذن فمعنى الوحي في اللغة الإعلام الخفي السريع الخاص لمن يوجَّه إليه، بحيث يخفى على غيره، ويدخل تحت ذلك أنواع عديدة من الإعلام منها: الإلهام الغريزي كالوحي إلى النحل {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ} [النحل: 68]. ومنها: إلهام الخواطر بما يلقيه الله تعالى في رُوع الإنسان سليم الفطرة طاهر الروح كالوحي إلى أم موسى {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 7].ومنها وسوسة الشيطان {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} [الأنعام: 121].
أما الوحي فمعناه في لسان الشرع: أن يُعلم الله تعالى من اصطفاه من عباده كلَّ ما أراد اطلاعه عليه من ألوان الهداية والعلم، ولكن بطريقة سرِّية خفية غير معتادة للبشر”. (9)
ويمكن حصر مجمل مراتب وكيفيات الوحي الإلهي إلى نبينا صلى الله عليه وسلم، المذكورة في الأحاديث والآيات بـ: الرؤيا الصادقة، وما يلقيه الملك في رُوعه، وأن يسمع كصلصلة الجرس، وأن يُسمع عند وجهه الشريف مثل دوي النحل. وأن يأتيه الملك بصورته الملائكية، أو يأتيه الملك بصورة بشرية معروفة، أو غير معروفة، أو يأتيه الملك مناماً، والتكليم الإلهي يقظة (خلاف النوم). كقوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164]. (10)
من تعريف الوحي السابق يتبين لنا أن هناك جهةً خارجية وواسطة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين صاحب الوحي، وليست المسألة نابعةً من نفس النبي كما يروج دعاة الوحي النفسي؛ فليس ببعيد على الله تعالى أن يختار من عباده نفوسًا لها من نقاء الجوهر وسلامة الفطرة ما يُعدُّها للفيض الإلهي، والوحي السماوي، والاتصال بالملأ الأعلى، ليُلقي إليها برسالاته.
ومن الأمثلة التي تقرب لعقولنا حقيقة الوحي: الأصوات والصور التي تحملها موجات الأثير اليوم، عابرة الوهاد والنِّجاد، والسهول والبحار، حتى صار الناس يتواصلون فيما بينهم في أخص خصوصياتهم، وصار المدرس يتواصل مع تلاميذه بكل سهولة مع تباعد البلدان، وصار بإمكان الطبيب فحص المريض، بل المساعدة في إجراء بعض العمليات الجراحية المعقدة وهما في مكانين مختلفين….وغير ذلك كثير جداً.
وقد يتكلم رجلان عبر الهاتف المحمول اليوم والجالسون بجانبهما لا يسمعون شيئًا سوى أزيز كدوي النحل المذكور في صفة الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
كما أن المعاصرين للوحي والمشاهدين له قد نقلوه لنا بما يفيد العلم القطعي إلى الأجيال اللاحقة، ولمست الإنسانية أثره في حضارة أمته، وقوة أتباعه، وعزتهم ما استمسكوا به، وانهيار كيانهم وخذلانهم ما فرَّطوا في جنبه؛ مما لا يدع مجالًا للشك في إمكان الوحي وثبوته، وضرورةِ العودة إلى الاهتداء به؛ إطفاءً للظمأ النفسي بِمُثُلِهِ العليا، وقيمه الروحية.
كما أن رسولنا صلى الله عليه وسلم ليس أول رسول أُوحِيَ إليه، بل أَوْحَى الله تعالى إلى الرسل قبله بمثل ما أَوْحَى إليه كما أخبر بيان الحق: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا، وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 163-164]
ولقد أنكر الحق سبحانه وتعالى على العقلاء عجبهم من إمكان نزول الوحي على البشر فقال تعالى: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ} [يونس: 2]
بما سبق من بيان للوحي كفاية في الرد على هذه الشبهة، لكن مع ذلك سنذكر طائفة يسيرة من الرود التي ذكرها العلماء :
1- لو كان مصدر القرآن نفسُ محمد صلى الله عليه وسلم؛ لكان من الفخر له أن ينسبه إلى نفسه، بل لأمكنه أن يدعي به الألوهية فضلاً عن النبوة، ولكان مقدّسًا في نظر الناس وهو إله أكثر من قداسته في نظرهم وهو نبي، ولمَا كان في حاجة إلى أن يلتمس هذه القدسية الكاذبة بنسبته القرآن إلى غيره.
2- غاب عن القائلين بالوحي النفسي أنهم يتحدثون عن أكرم شخصية عرفها التاريخ طُهرًا ونُبلاً، وأمانةً وصدقاً، وأنه الشخص الذي إذا مرَّ بقومه يشيرون إليه بالبنان ويقولون: هذا هو الصادق الأمين. والعقل المنصف قال ولا يزال يقول: ما كان هذا الأمين الصدوق ليذر الكذب على الناس ثم يكذب على الله تعالى!!
3- لو كان القرآن وحياً نفسياً من عند المصطفى صلى الله عليه وسلم صاغه بأسلوبه -كما يزعمون- فإن كلَّ من أوتي حظًّا من حسِّ البيان وذوق البلاغة يلحظ فرقاً كبيراً بين أسلوب القرآن وأسلوب الحديث النبوي، كما يلحظ الفرق الكبير بين مقدور الخالق ومقدور المخلوق. وها هما القرآن والحديث النبوي لا يزالان قائمين بيننا يناديان الناس بهذا الفارق البعيد، فإن كان لكم إحساسٌ في البيان، وذوق في الكلام فبينوا!!
ولو كان لهذه الشبهة شيء من الوجاهة لكان أولى الناس أن يتكلم هم أولئك العرب الخلص الذين تحداهم القرآن على الإتيان بمثله، وقد كانوا أحرص الناس على تعجيز محمد صلى الله عليه وسلم وإسكاته – للاعتبارات التاريخية المعروفة- لكنهم ما قالوا هذا؛ لإيقانهم بظهور المميزات الفائقة بين كلام الربوبية وكلام النبوة بحيث لا يلتبس أحدهما بالآخر في شيء، وهكذا من ذاق عَرف ومن حُرم انحرف.
4- التاريخ يشهد أن القرآن لو كان مصدره نفس محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأمكن لهؤلاء العرب أهل الفصاحة والبيان أن يعرفوا أنه كلامه، بما أوتوا من ملكة النقد وما وُهبوا من نباهة الحس والذوق البلاغي، ثم لأمكنهم أن يجاروه فيما أتى به ولو شيئاً يسيراً، لا سيما أن القرآن قد اكتفى منهم في معرض التحدي بأن يأتوا بسورة من مثل أقصر سورة؛ أي بمثل ثلاث آيات قصار من بين تلك الآلاف المؤلفة التي اشتمل عليها الكتاب العزيز، وهم فرسان ذلك الميدان، وأئمة الفصاحة والبيان؛ فلو كان الأمر من صناعة محمد صلى الله عليه وسلم وإنشائه – كما يزعم أولئك الخراصون – فما بالهم قد خرست ألسنتهم ،وخشعت أصوات الأجيال كلها من بعدهم؟!
5- لو كان هذا التنزيل من كلام المصطفى ووحي نفسه، فلماذا يسجل على نفسه ذلك العتاب المذكور في القرآن، والذي نحس تارة بلطفه وأخرى بعنفه؟ كمثل قول الله تعالى له: ﴿‌عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ﴾ [التوبة: 43] ﴿‌مَا ‌كَانَ ‌لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [الأنفال: 67]
 ﴿‌عَبَسَ ‌وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى *فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى﴾[عبس: 1-10] فشأن العاقل لا يبيح له ذلك. ولكن الملاحدة سَفِهُوا أنفسهم وزعموا رغم هذه البراهين اللائحة أن محمدًا افترى القرآن على ربه، فكذبوا وضلوا.
6- مضامين القرآن العلمية، وأنبائه الغيبية، تؤكد أنه يستحيل أن يكون القرآن وحياً نفسياً من عند النبي صلى الله عليه وسلم، لا سيما أن الآتي بهذا القرآن رجل أمي في أمة أمية كانت في أظلم عهود الجاهلية. وكمثال بسيط على تلك الأمور العلمية، علم الأجنة الذي تحدث عنه القرآن: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا ‌الْعِظَامَ ‌لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ * وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ﴾ [المؤمنون: 12-17] من ترى علَّم المصطفى النبيّ الأميّ مراحل خلق الإنسان، وأن العظام تتشكل أولاً ثم تُكسى لحماً، وهو الذي عرفه العلم الحديث اليوم بعد تطوره؟!! ومن تُرى علمه هذا العلم الدقيق من علوم الفلك، الذي لولا الأجهزة الحديثة ما عرفها إنسان الآلة والتطور، والتي أخبر عنها القرآن: ﴿لا ‌الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ [يس: 40]
7- لو كانت الشبهة صحيحة والقرآن صناعة النبي ووحيه النفسي؛ لكان القرآن طوعَ يمينه صلى الله عليه وسلم، فكان لا يشاء يومًا أن يأتي بقرآن جديد إلاَّ جاء به من هذا الطريق الذي اعتاده في تحضيره. لكن الواقع يشهد أن كثيرًا مما التمسه النبي صلى الله عليه وسلم – في أشد أوقات الحاجة إليه- كان لا يظفر به إلاّ حين يشاء الله، وقصة الإفك لتشهد على ذلك؛ حين تأخر الوحي على النبي وهو في أمس الحاجة ليبرئ ساحته وفراشه مما قد يلحق به… والنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول للسيدة عائشة رضي الله عنها: “إِنَّ ‌كُنْتِ ‌بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بذنب، فاستغفري الله وتوبي إليه”. (11) فلو كان القرآن من عند النبي فلِمَ يذرُ الناس يتكلمون في عرض زوجه شهراً كاملاً منتظرًا نزول الوحي ليبين له الحقيقة؟! أليس من الأولى لو كان القرآن وحياً نفسياً من عنده أن يتكلم بقرآن يُخرسُ به الألسنة المفترية؟!! فالكاذب لا يتأخر في افتراء الكذب عند الحاجة الماسة إليه.
ملحوظة: ليست هذه الحالة الوحيدة التي تأخر الوحي فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم.
8- حديث النبي عن الحقائق الدينية الغيبية التي لا سبيل للعقل إليها، ولا حتى بالتأمل، فهذا القرآن يصف لنا بَدء الخلق ونهايتَه، ويصف الجنة وأنواع نعيمها، والنارَ وألوان عذابها، كأنهما رأي عين، حتى إنه ليحصي عِدّة أبواب النار والجنة، وعدة الملائكة الموكَّلة بتلك الأبواب، فعلى أية نظرية عقلية بنيت هذه المعلومات الحسابية، وتلك الأوصاف التحديدية؟ إن ذلك ما لا يوحي به العقل بتة، بل هو إما باطل فيكون من وحي الخيال والتخمين، وإما حق فلا ينال إلاَّ بالتعليم والتلقين، لكنه الحق الذي شهدت به الكتب واستيقنه أهلها {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر:31] {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ} [الشورى 52] {مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ} [ص:69]
9- من المعلوم بداهة أن أنباء المستقبل لا سبيل فيها لليقين إلاَّ بالوحي الصادق، فإذا كان القرآن وحياً نفسياً من عند محمد صلى الله عليه وسلم، فأنى له حينما يجيء على لسانه الخبر الجازم بما سيقع بعد عام، وما سيقع في أعوام، وما سيكون أبد الدهر، وما لن يكون أبد الدهر؟
مثال ذلك: ما جاء في التحدي بهذا القرآن وتعجيز العالم كله عن الإتيان بمثله {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88] ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * ‌فَإِنْ ‌لَمْ ‌تَفْعَلُوا ‌وَلَنْ ‌تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 23-24] فانظر هذا النفي المؤكّد، بل الحكم المؤبد! هل يستطيع عربي يدري ما يقول أن يُصدر هذا الحكم، وهو يعلم أن مجال المُساجَلات بين العرب مفتوح على مصراعيه، وأن الناقد المتأخر متى أعمل الروية في تعقب قول القائل المتقدم لا يعييه أن يجد فيه فائتًا ليستدرك؛ أو ناقصًا ليكمل؟!
مثال آخر: تلك الآية التي يَضمَنُ الله بها لنبيه حماية شخصه، والأمن على حياته حتى يبلِّغَ رسالات ربه: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ ‌فَمَا ‌بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة: 67]  تروي السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْرَسُ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةَ: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] فَأَخْرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ مِنَ القُبَّةِ، فَقَالَ لَهُمْ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ ‌انْصَرِفُوا ‌فَقَدْ ‌عَصَمَنِي اللَّهُ». (12) انظر مبلغ ثقة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهذا الوعد الحق، إنَّ هذا ضمان لا يملكه بشر ولو كان مَلِكًا محاطاً بأنواع الحماية المختلفة تسير من بين يديه ومن خلفه، فهل يفعل هذا من يقول الوحي من عند نفسه؟! حقًّا لقد عصمه الله منهم في مواطن كثيرة كان خطر الموت فيها قريباً جداً منه، ومن ذلك ما رواه جَابِرٍ؛ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. حَتَّى إِذَا كُنَّا بِذَاتِ الرِّقَاعِ، قَالَ كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَسَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَلَّقٌ بِشَجَرَةٍ. فَأَخَذَ سَيْفَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاخْتَرَطَهُ. فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَخَافُنِي؟ قَالَ “لَا” قَالَ: ‌فَمَنْ ‌يَمْنَعُكَ ‌مِنِّي؟ قَالَ “اللَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْكَ” قَالَ فَتَهَدَّدَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَغْمَدَ السَّيْفَ وَعَلَّقَهُ…”. (13)
بعد كل هذا الذي سقناه من الأدلة يتبين أن الوحي إذًا ليس نابعاً من نفس المصطفى صلى الله عليه وسلم، بل هو قوة خارجية لا تتصل بالنفس المحمدية إلاَّ حينًا بعد حين، وهي لا محالة قوة عالمة؛ لأنها توحي إليه علمًا، وهي قوة أعلى من قوته؛ لأنها تُحدِث في نفسه وفي بدنه تلك الآثار العظيمة ﴿عَلَّمَهُ ‌شَدِيدُ ‌الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى﴾ [النجم: 5-6] وهي قوة خيِّرةٌ معصومة، لأنها لا توحي إلاَّ الحق ولا تأمر إلاّ بالرشَد فماذا عسى أن تكون هذه القوة إن لم تكن قوة ملك كريم؟
وأخيراً:
هذا الذي يروجه بعض ملاحدة الأكاديميين وأمثالهم من الحداثيين اليوم، باسم – الوحي النفسي – زاعمين أنهم بهذه التسمية، قد جاؤونا برأي علمي جديد، وما هو بجديد، وإنما هي آراء مستمدة من فتات الموائد التي تركتها تلك القلوب المتحجرة في عصور الجاهلية الأولى، لا يختلف في جملته ولا في تفصيله؛ فقد صور أهل الجاهلية مِن قبلُ، النبيَّ صلى الله عليه وسلم، رجلاً ذا خيال واسع وإحساس عميق، فهو إذن شاعر، ثم زادوا فجعلوا وجدانه يطغى كثيراً على حواسه، حتى يخيل إليه أنه يرى ويسمع شخصاً يكلمه؛ وما ذاك الذى يراه ويسمعه إلاَّ صورة أخليته، فهو إذن الجنون أو أضغاث الأحلام…. أليس هذا كله حديثاً معاداً يضاهئون به قول جهال قريش؟! وهكذا كان الإلحاد في ثوبه الجديد اليوم صورةً منسوخة بل ممسوخة منه في  أقدم أثوابه؟ {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ} [البقرة: 118]. (14)
وأنصح الأخ السائل الرجوع إلى كتاب “النبأ العظيم” للشيخ محمد عبد الله دراز رحمه الله تعالى فقد ذكر أدلة كثير تؤكد أن هذا القرآن وحي من عند الله تعالى. ومراجعة كتاب “الوحي المحمدي” لمحمد رشيد رضا، بالإضافة لكتب علوم القرآن عندما تحدثت عن الوحي ونزول القرآن. والله تعالى أعلم
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

(1): ينظر: رد شبهات حول عصمة النبي صلى الله عليه وسلم ص427؛ محمد رشيد رضا الوحي المحمدي ص59.
(2): ينظر: حياة محمد لإميل درمنغم ترجمة عادل زعيتر، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، 1942 م ص: 56.
(3): ينظر: حاضر العالم الإسلامي لـ لوثروب ستودارد، تعليق: شكيب أرسلان، ترجمة: عجاج نوبهز (4/39)؛ سعيد أحمد بن صغير هندي أثر الاستشراق على المنهج العقدي بالهند (1/347).
(4): ينظر: المعجم الكبير للطبراني (12382)؛ السيوطي الإتقان في علوم القرآن (1/147).
(5): صحيح البخاري (2).
(6): صحيح مسلم (8).
(7):  الصحاح للجوهري مادة “وح ي”.
(8): معجم مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني، مادة “وح ي”.
(9):  الزرقاني مناهل العرفان (1/63).
(10):  ينظر: نور الدين عتر علوم القرآن الكريم ص15؛ المقدمات الأساسية في علوم القرآن ص41؛ مناع القطان مباحث في علوم القرآن ص28
(11): صحيح البخاري (4413) .
(12): سنن الترمذي (3046).
(13): صحيح البخاري (3906)؛ صحيح مسلم (843) واللفظ لمسلم.
(14)  ينظر: محمد دراز النبأ العظيم ص97؛ رد شبهات حول عصمة النبي صلى الله عليه وسلم ص426.
وينظر لكل ما سبق: محمد دراز النبأ العظيم ص؛ محمد رشيد رضا الوحي المحمد ص59؛ الزرقاني مناهل العرفان (1/85)؛ محمد أبو شهبة المدخل لدراسة القرآن الكريم ص91؛ مناع القطان مباحث في علوم القرآن ص44؛ نور الدين عتر علوم القرآن الكريم ص22؛ عماد السيد محمد إسماعيل الشربيني رد شبهات حول عصمة النبي صلى الله عليه وسلم ص424؛ سعيد أحمد بن صغير أحمد هندي أثر الاستشراق على المنهج العقدي بالهند (1/346).

[الشيخ] أنس الموسى

هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م 

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي. 

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.