ما حكم من أكل أو شرب في رمضان قبل غروب الشمس ظاناً الغروب؟

يجيب عن السؤال الشيخ الدكتور باسم حسين عيتانيي  

السؤال

ما حكم من أكل أو شرب في رمضان قبل غروب الشمس ظاناً الغروب؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،

أخي السائل – وفقكم الله تعالى -؛

من أكل أو شرب في رمضان قبل غروب الشمس ظاناً الغروب فسد صومه وأمسك عن يومه، وقضاه، ولاكفارة عليه.

وفساد الصوم بسبب أنه أكل أو شرب في وقت الامتناع عن الطعام والشراب، ويجب أن يحافظ على هذه الصورة أي: صورة الامتناع إلى غروب الشمس، ألا وإنه قد انتهك ذلك فسد صومه ولو كان ظاناً الغروب.
وقد حدث ذلك في حياة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ورد  أن الصحابة أفطرت في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – يومَ غيم، ثم طلعت الشمس، فأُمِروا بالقضاء. [ صحيح البخاري]

 ولماذا عليه الإمساك عن يومه، ولماذا لا كفارة عليه؟

عليه أن يمسك عن بقية يومه، لأنه إذا أكل أو شرب ولا عذرَ به اتهمه الناس بالفسق والتحرز عن مواضع التهمة واجب  [ينظر: البناية]
فقد ورد في الحديث: عن صفية بنت حيي قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ معتكفا فأتيته أزوره ليلاً، فحدثته ثم قمت فانقلبت، فقام معي ليقلبني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمرّ رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبيَّ ﷺ أسرعا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «عَلَى رِسْلِكُمَا، إنها صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ». فَقَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإنسان مجرى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا سوءا، أو قال: شيئا»[ صحيح البخاري] فقد قطع النبي – صلى الله عليه وسلم –  طريق الشك والوسوسة من الشيطان عنهما، فأخبرهما أن التي تقف معه هي زوجته صفية – رضي الله عنها -، وهذا تعليم من رسول الله – صلى الله عليه وسلم –  للأمة حتى يبعد المسلم عنه أي تهمة. فعلى المؤمن أن لايقف مواقف التهم، وأن لايسلك مسالكها فيُتَّهم.

ولا كفارة عليه لأنه لم يقصد التعمد في الإفطار، فوجوبها عليه إحراج، ولأنه ظن الغروب، فوقع خلاف ما ظن، فكان عليه أن يتحقق، فصار حكمه مثل الخطأ، ومن كان حكمه كذلك لا كفارة ولا إثم عليه، قال الله تعالى :
﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ﴾ [الأحزاب:5]

ولعل هذه المسألة في عصرنا تقل وتندر، لأن الناس اليوم تُمسِك عن الطعام والشراب من طلوع الفجر وتفطر عند الغروب من خلال التأقيت لأوقات الصلاة  لكل بلد التي  تحددها دائرة الأوقاف أو المراكز الإسلامية المعتمدة بواسطة الساعات في اليد أو الجوالات أو الحواسيب أو وسائل أخرى، ولو افترضنا حدث خطأ بسبب خلل في ساعة اليد كتقدم الوقت في الساعة أو ظن الغروب الساعة السابعة، وإذ الغروب الساعة السابعة وخمس عشرة دقيقة وغيرذلك عن  طريق الخطأ، فالحكم هو الحكم نفسه في المسألة السابقة أن يمسك عن بقية يومه وعليه القضاء ولا كفارة ولاإثم عليه.

وأخيراً؛ المسلم يجب أن يتحقق في الصيام عند طعامه وشرابه وقت غروب الشمس ووقت طلوع الفجر حتى لا يقع منه مثل هذه الأخطاء المفسدة للصيام.

والله الهادي إلى الصواب.

– صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: البغا، دار ابن كثير، دمشق، سوريا، ط5، (1414هـ – 1993 م) 692/2 ر:1858 –  1195/1  ر:3107
– البناية شرح الهداية، محمود بن احمد، المعروف ببدر الدين العيني، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، (1420هـ -2000م) 101/4