ما حكم الاستمناء؟

يجيب عن السؤال الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب

السؤال

ما حكم الاستمناء؟

الجواب

باسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد؛

      فإن الشريعة الإسلامية واضحة المعالم، وقد تركنا النبي صلى الله عليه وسلم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، نسأل الله السلامة.
ومن الأحكام المهمة التي على المسلم معرفتها أحكام المني، لأن هناك أحكاماً كثيرة تترتب على نزوله، وكيفيتها، حِلاً وحرمة. وتدخل في عدة أبواب من الفقه.

فأما نزول المني من غير استمناء، بالاحتلام في النوم:

      فأمره يسير، ولا يأثم من احتلم، كما لا يفطر به الصائم وليس على المحرم فيه فدية.

وأما استنزال المني بالاستمناء باليد:

    فهو فعل محرم، قال الإمام الروياني من كبار أعلام الشافعية، في كتابه (بحر المذهب): “قد ذكرنا أن الاستمناء مُحرّم قال أصحابنا: ويعزَّر إذا فعل” [1]. وقال أيضاً: “الاستمناء بالكف، وهو حرام” [2].

      وقال الإمام الرافعي رحمه الله: “والمذهب الظاهر: تحريمه؛ لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: «مَلْعُوْنٌ مَنْ نَكَحَ يَدَهُ» [3]. واحتج له أيضاً بقوله تعالى: ﴿وَالَّذِيْنَ هُمْ لِفُرُوْجِهِمْ حَافِظُوْنَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ…. فَمَن ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ العَادُوْن [المؤمنون: 7] وهذا مما وراء ذلك” [4].
      قال الإمام الروياني: “فحظر ما سواء الزوجات وملك اليمين وجعل مبتغى ما عداه عاديًا متعديًا” [5].
وقال أيضاً: “فصار المستمني منسوباً إلى العدوان ولأن النكاح مندوب إليه لأجل التناسل والتكاثر قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تَنَاكَحُوا تَكَاثَرُوْا فَإِنِّيْ أُبَاهِيْ بِكُمُ الأُمَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى بِالسَّقْطِ». وقال عمر رضي الله عنه: لولا الاستيلاد لما تزوجت. والاستمناء بعيد عن النكاح ويمنع من التناسل فكان محظوراً لكنه من صغائر المعاصي، فينهي عنه الفاعل وإن عاد بعد النهي عزر” [6].

وأما الاستمناء في الصوم:

      فقال الإمام الغزالي في (الوسيط): “أما المني فإن خرج بالاستمناء فهو مفطر وإن خرج بمجرد الفكر والنظر فلا؛ لأن الحجر فيه عسر” [7].
وقال الإمام الرافعي: “المني إن خرج بالاستمناء أفطر” [8].
وقال الإمام النووي في (الروضة): “المني إذا خرج بالاستمناء، أفطر، وإن خرج بمجرد فكر ونظر بشهوة، لم يفطر، وإن خرج بمباشرة فيما دون الفرج، أو لمس أو قبلة، أفطر. هذا هو المذهب، وبه قال الجمهور” [9].

وأما في الحج:

فالمذهب أنه يحرم على الرجل الاستمناء، وتلزمه الفدية على الأصح [10].

فعلى المسلم أن يتقي الله ويخشاه، وأن يبتعد عما يهيج شهوته لاسيما في الصوم أو وقت الإحرام، إلا ما أبيح له من الاستمتاع بالزوجة والحليلة، هذا هو سبيل المؤمنين المتقين، جعلنا الله تعالى منهم، والله الموفق.


تمت الإجابة عن السؤال من قبل الشيخ د. محمد أبو بكر باذيب، وراجعها الشيخ د. محمد فايز عوض.


د.محمد أبو بكر باذيب عالم إسلامي من علماء اليمن، نال الشيخ الإجازة في الشريعة من جامعة الأحقاف، والماجستير من جامعة بيروت الإسلامية، والدكتوراه في أصول الدين من جامعة عليكرة الإسلامية (AMU). تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ الحبيب أحمد مشهور الحداد، والشيخ فضل بافضل، والحبيب سالم الشاطري، والحبيب علي مشهور بن حفيظ، وغيرهم…
يشرف على القسم العربي سيكرز عربية للعلوم الشرعية (seekersguidance)، وعضو أمناء دار المخطوطات بإستانبول.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] الروياني، بحر المذهب. 13/ 28.
[2] الروياني، بحر المذهب. 14/ 348.
[3] العسقلاني، التلخيص الحبير: 5/2368.
[4] الرافعي، العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية 8/ 180.
[5] الروياني، بحر المذهب 9/ 313.
[6] الروياني، بحر المذهب. 14/ 349.
[7] الغزالي، الوسيط في المذهب 2/ 528.
[8] الرافعي، العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية 3/ 201.
[9] النووي، روضة الطالبين وعمدة المفتين 2/ 361.
[10] الدميري، النجم الوهاج في شرح المنهاج 3/ 592.